قضت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، قبل قليل وفي الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، بأحكام تتفاوت ما بين 20 و10 سنوات سجنا نافذا في حق المتهمين الثلاثة المتابعين على خلفية قضية “الاغتصاب الجماعي” للطفلة الضحية سناء، البالغة من العمر 11 عاما، أو ما بات يعرف بملف “طفلة تيفلت”.
وقضت المحكمة في حق المتهم الأول (ع.د) بـ 20 سنة سجنا نافذا، وهو الشخص الذي أثبت الفحص الطبي والخبرة الجينية أنه والد طفل الضحية الناتج عن هذا الاغتصاب، وعمره سنة وأربعة أشهر، بعد مؤاخذته من أجل التهم المنسوبة إليه. فيما قضت المحكمة في حق المتهمين (ي.ز) و(ك.ع) بـ 10 سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهما.
كما قضت في حق المتهم الأول بأداء تعويض قدره 60 ألف درهم، و40 ألف درهم لكل واحد من المتهمين الآخرين لفائدة المطالب بالحق المدني.
وأصدرت المحكمة حكمها في الجلسة الثانية من النظر في هذا الملف الذي عرف جدلا حقوقيا واسعا حتى أضحت “قضية رأي عام”، وذلك بعد جلسة ماراطونية استمرت لساعات (من الثانية عشر زوالا من يوم أمس الخميس إلى الساعة الثانية من صباح اليوم الجمعة وتوقف خلال مدة الإفطار).
وبهذا الحكم الصادر في المرحلة الثانية من التقاضي في هذا الملف، تكون جنايات الرباط، أسدلت الستار على قضية أثارت الكثير من الجدل الحقوقي وموجة من الغضب في أواسط المجتمع المدني وكذا المؤسساتي بالمغرب، بعد الحكم الصادر في المرحلة الابتدائية والذي اعتبر “حكما مخففا” ولا يليق بحجم “بشاعة جريمة الاغتصاب والعنف والاعتداء الجنسي” الذي مارسه “الجناة” الثلاثة في حق الضحية، ما نتج عنه “اغتصاب جماعي ومتكرر وحمل وولادة طفل”، محققا بذلك آمال الجمعيات النسائية والحقوقية وكذا هيئة الدفاع في إعادة الاعتبار للضحية وتحقيق العدالة لها.
وخلال هذه الجلسة استمعت المحكمة للضحية وكذا الشاهدة الرئيسية في هذا الملف وبدورها طفلة قاصر، في جلسة سرية بعد استجابتها لملتمس ممثل النيابة العامة وكذا الدفاع على اعتبار “اعمال المصلحة الفضلى للطفل”، وقبلها استمعت للمتهمين وناقشت باقي أطوار الملف في جلسة علنية، وادراج الملف في المداولة للنطق بالحكم.
وأكدت الطفلة الضحية، حسب ما استقته “الصحراء المغربية” من تصريحات بعض محاميي الدفاع عنها “إذ أزارها العشرات منهم ومن مختلف هيئات المحامين بالمغرب، فضلا عن الجمعيات الحقوقية والنسائية” أنها “تعرضها للاغتصاب من طرف المتهمين الثلاثة”، في حين، أكدت الشاهدة الرئيسية في الملف، التي حضرت إلى المحكمة رفقة مشرفة اجتماعية في إطار المواكبة والدعم، ما صرحت بع الضحية البالغة من العمر 11 عاما. كما استمعت هيئة المحكمة للمتهمين الثلاثة، الذين أنكروا جميع التهم المنسوبة إليهم.
وخلال مرافعته، أبرز ممثل النيابة العامة أن “الحكم الابتدائي الصادر في هذه القضية كان صائبا بإدانته للمتهمين ونتفق معه، فيما نختلف مع الغرفة الجنائية الابتدائية في تقديرها للعقوبة وتمتيع المتهمين بظروف التخفيف”، ملتمسا في هذا الإطار “تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به بالإدانة وتوقيع أقصى العقوبات في حق الأظناء”.
أما دفاع الضحية فقد التمس سواء خلال دفوعاته الشكلية وكذا المرافعات في الموضوع، تكييف المتابعة ورفع العقوبة الصادرة ابتدائيا في حق المتهمين إلى أقصاها وفق فصول المتابعة، والتي تصل إلى 20 سنة سجنا.
كما التمس الدفاع تعويضا شهريا بمثابة نفقة لفائدة الطفل حديث الولادة إلى أن يبلغ سن الرشد. فيما التمس دفاع المتهمين البراءة للمتهمين الثلاثة، وتمتيعهم احتياطيا بظروف التخفيف للشك.
تجدر الإشارة إلى أنه في مارس المنصرم، كانت غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية الرباط ذاتها، خلال المرحلة الأولى من التقاضي في هذا الملف، أدانت المتهمين الثلاثة بست سنوات حبسا نافذا بعد مؤاخذتهم بالتهم المنسوبة إليهم، بنصيب سنتين حبسا لكل واحد منهم، حيث قضت في حق المتهم الأول بسنتين اثنتين حبسا نافذا، والثاني والثالث بسنتين حبسا نافذا في حدود 18 شهرا وموقوفة في الباقي.
وأدينوا جميعا من أجل جناية “التغرير بقاصر بالتدليس، وهتك عرضها بالعنف الناتج عنه افتضاض” وهي الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول 471-488-485 من القانون الجنائي..
