يستعد عدد من الفاعلين في المجال الطبي وجمعيات مرضى الهيموفيليا في المغرب لإطلاق مبادرة طبية اجتماعية، الأسبوع المقبل، ترمي إلى تقوية فعاليات التشجيع للحديث عن مرض الهيموفيليا، باعتباره مرضا وراثيا لعدم تخثر الدم.
وترتكز هذه المبادرة على نشر الوعي بهذا المرض وسط عموم الناس ومشاركتهم ما يعيشه المصاب به وأفراد عائلاته، سواء من خلال تجربة المرضى الصحية أو الاجتماعية والمالية ومختلف التحديات التي يعيشونها في مسار علاجهم من هذا المرض النادر.
وتبعا لذلك، يؤطر النقاش العلمي حول هذا المرض فاعلون في حقل الطب والصناعة الدوائية وأساتذة في الطب متخصصون في تشخيص وعلاج داء الهيموفيليا بوحدة التكفل بمرضى الهيموفيليا في المستشفى الجامعي ابن رشد في الدارالبيضاء إلى جانب مشاركة أصدقاء وأسر مرضى الهيموفيليا ممثلين من خلال جمعيتهم المدنية.
يعتبر داء الهيموفيليا مرضا يرتبط باضطرابات في نزيف الدم عند التعرض لأبسط الكدمات، مهما كانت بسيطة، ومن بينها التعرض لضربة كرة يد أو الاصطدام بحافة سرير أو مكتب أو غيرها.
ويظل العدد الحقيقي للإصابات في المغرب غير معروف، بالنظر لوجود تقديرات بوجود مصابين لم يصلوا بعد إلى المستشفيات العمومية والمراكز المتخصصة، حسب ما أفادته مصادر طبية متخصصة في المجال، في تصريح لـ”الصحراء المغربية”.
رسميا، تفيد وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وجود 1200 حالة تتابع العلاج في مراكز التكفل بالهيموفيليا ال 16 المنتشرة عبر ربوع المملكة، بما في ذلك خمسة مراكز مرجعية على مستوى المراكز الاستشفائية الجامعية، بينما تشير تقديرات عدد الإصابات بالمرض على الصعيد الوطني، إلى ما يناهز 3000 شخص.
وذكر الخطاب أن علاج داء الهيموفيليا في المغرب، عرف مجموعة من التغييرات الإيجابية التي حسنت وضعية التكفل الطبي بالمرضى في المغرب، استنادا إلى تزايد عدد مراكز العلاج الجهوية، منذ سنة 2010، إلى أن بلغت 16 مركزا حاليا، موزعة على العديد من المدن المغربية إلى جانب المراكز المرجعية في كل من الدارالبيضاء والرباط.
وفي مقابل ذلك، تظل بعض الإكراهات، التي يجب العمل على تجاوزها لضمان تكفل طبي أفضل بالمصابين بداء الهيموفيليا في المغرب، ومنها العمل على توفير إمكانات علاجات وقائية عوض تقديم خدمات علاجية عند الطلب، أي عند حدوث نزيف.
ومن بين بعض ملامح العلاج الوقائي، إمكانية تقديم حقن علاجية وقائية، وفق المعايير الدولية، بوتيرة مرة في الأسبوع مثلا، ليصبح مستوى حدوث نزيف الدم لدى المصاب في مستوى حدوثه لدى الشخص العادي، عوض انتظار وقوع حالة نزيف الدم، وهو ما يتيح خفض كلفة العلاجات ورفع جودة حياة المصابين.
كما ترتكز الوقاية من خلال تقوية نشر الوعي والتحسيس بين عموم الناس لتفادي تعرض المصابين بداء الهيموفيليا، خلال بعض مناسبات الإعذار الجماعية، والتي يتطلب خلالها توصية العائلات بضرورة إجراء مجموعة من التحاليل قبل الختان لحماية الأطفال المحتمل إصابتهم بالمرض من التعرض لمخاطر نزيف الدم المميت.
من جهة ثانية، أبرزت المصادر أهمية مبادرة نشر الوعي بالمرض للفت انتباه المجتمع إلى إكراهات اندماج المرضى بسبب خصوصية الداء التي تعيق ممارستهم العادية للعديد من أنشطتهم اليومية ولرفع مستوى الوعي حول اضطرابات النزيف والحاجة لبناء أسرة من الدعم لهؤلاء الذين يتعايشون معها.
ويكمن الأثر الاجتماعي للمرض في أنه يحول دون ممارسة حياة الطفل بشكل طبيعي، ناهيك عن صعوبة خضوع مرضى الهيموفيليا لعملية الختان، بسبب التكلفة المرتفعة لإجرائها بسبب ضرورة توفير مستحضرات العامل الناقص لدى المصاب، لمساعدته على تخثر دمه وعدم تعرضه لمشاكل ومضاعفات صحية خطيرة أثناء العملية.
