كشفت دراسة أنجزها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أن العنف بجميع أنواعه مازال حاضرا في الوسط المدرسي بأسلاكه الثلاث، يأتي على رأسها العنف اللفظي، ثم الجسدي والسيبراني والاستحواذ، في حين اعتبرت أن التحرش واسع الانتشار في المؤسسات المدرسية.
كما كشفت الدراسة تنوع مرتكبي العنف في الوسط المدرسي بين التلامذة أنفسهم والأساتذة والدخلاء على المؤسسة التعليمية، ثم بشكل أقل الآباء وأولياء الأمور.
1384 من تلامذة الأسلاك الـ 3 للتعليم
تهدف الدراسة التقييمية التي أنجزها المجلس من خلال الهيئة الوطنية للتقييم، بشراكة مع “اليونيسيف”، حول ظاهرة العنف بالوسط المدرسي في جميع أسلاك التعليم الأساسي، من الابتدائي إلى الثانوي التأهيلي مرورا بالإعدادي، تتوفر “الصحراء المغربية” على نسخة منها، إلى تشخيص ظاهرة العنف في الوسط المدرسي بالمغرب، وقياس مدى انتشارها، وتحديد مختلف أشكالها، والتعريف بالفاعلين المعنيين وفهم العوامل التي تساهم في انتشارها، مركزة بشكل خاص على أعمال العنف التي ترتكب داخل المؤسسة المدرسية.
كما اعتمدت الدراسة التقييمية بحثا ميدانيا كميا أنجز على عينة تشغل 260 مؤسسة مدرسية، شارك فيها 1384 تلميذ وتلميذة يمثلون الأسلاك الثلاثة للتعليم، كما أنجز بحث آخر كيفي شمل 27 مؤسسة مدرسية، قصد تحديد أعمال العنف ووضع التشخيصات الكيفية، وتطوير استراتيجيات عملية تهدف إلى التحكم في ظاهرة العنف في الوسط المدرسي.
الإيذاء بالنبز بالألقاب أو السخرية أو الضرب
فيما يتعلق بأنواع الإيذاء التي يتعرض لها التلامذة، أبرز البحث الميداني أن أعمال العنف اللفظي مثل السخرية والنبز بالألقاب، والشتائم ممارسات يومية اعتيادية في المؤسسات المدرسية. حيث صرح ما يناهز ثلث تلامذة الابتدائي أنهم نبزوا بألقاب مهينة، وأكد 55.9 في المائة من تلامذة الثانوي، خصوصا الذكور، التعرض للسخرية، والشتائم بدرجات مختلفة.
كما بين البحث أن 25.2 في المائة من التلامذة بالسلك الابتدائي صرحوا أنهم كانوا ضحايا للضرب، و28.5 في المائة تعرضوا للدفع. أما في مؤسسات التعليم الثانوي، فصرح 25.3 في المائة من التلامذة أنهم تعرضوا للضرب، و37.4 في المائة منهم تعرض للدفع بقصد الأذى، وبينت الدراسة أن الذكور أكثر عرضة لأعمال العنف الجسدي مقارنة مع الإناث.
كما كشفت الدراسة التقييمية التي اعتمدت بحثا ميدانيا كميا أنجز على عينة تشغل 260 مؤسسة مدرسية، شارك فيها 1384 تلميذا وتلميذة يمثلون الأسلاك الثلاثة للتعليم، حضور العنف الجسدي في الوسط المدرسي، إذ صرح 25.2 في المائة من التلامذة المستجوبين بالسلك الابتدائي أنهم كانوا ضحايا للضرب، و28.5 في المائة تعرضوا للدفع.
أما في مؤسسات التعليم الثانوي، فصرح 25.3 في المائة أنهم تعرضوا للضرب، و37.4 في المائة تعرضوا للدفع بقصد الأذى، وأن الذكور أكثر عرضة لأعمال العنف الجسدي مقارنة مع الإناث، كذلك.
عنف الاستحواذ
وأبرزت الدراسة أن التلامذة يتعرضون أيضا لعنف الاستحواذ مثل السرقات البسيطة وتحت التهديد مع الاستيلاء على أغراضهم الشخصية، حيث بينت أن هذه الأنواع من العنف منتشرة، وتعني على التوالي 27.1 في المائة و38.6 في المائة من تلامذة الابتدائي والثانوي، أما السرقة تحت التهديد وإتلاف الأغراض الشخصية فهي تعني الذكور والإناث بنسب مماثلة.
وأضافت أن 61.7 في المائة من تلامذة الثانوي الإعدادي و70.3 في المائة من تلامذة الثانوي التأهيلي، صرحوا أنهم سبق وكانوا شاهدين على أعمال تخريب المعدات المدرسية ارتكبها التلامذة.
وبينت النتائج أن تلامذة المؤسسات الخصوصية الحضرية أقل عرضة للسرقة تحت التهديد مقارنة مع زملائهم في المدارس العمومية الحضرية.
العنف السيبراني (الرقمي)
صرح 8.3 في المائة من التلامذة في المدارس الابتدائية، حسب البحث الميداني، أنهم كانوا عرضة لنشر محتويات شخصية غير مرغوب فيها على شبكات التواصل الاجتماعي.
أما تلامذة الثانوي فتبين أن 6 في المائة وجدوا صورا شخصية لهم وكذا فيديوهات منشورة على شبكات الانترنيت أو في الرسائل النصية.
ولمحت الدراسة إلى أن الذكور أكثر عرضة من الإناث لهذا النوع من العنف، وكذا تلامذة المؤسسات المدرسية الخصوصية الحضرية مقارنة مع تلامذة المؤسسات العمومية.
وقالت الدراسة إن هذا النوع من العنف يؤثر سلبا على بعض التلامذة ومن المحتمل أن يتفاقم نظرا للارتفاع المتصاعد للجوء إلى تقنيات التواصل الرقمي.
التحرش
أظهرت نتائج البحث الميداني أن التحرش واسع الانتشار في المؤسسات المدرسية، وأن 15.2 في المائة من تلامذة الابتدائي و29.7 من تلامذة الثانوي أفادوا أنهم تعرضوا للتحرش في مدارسهم، ضمنهم 34 في المائة من الابتدائي و25.4 في المائة من الثانوي، أكدوا أن التحرش كان ذا طابع جنسي.
كما يعد التلامذة المنتمون للمؤسسات الخاصة والمتواجدة في الوسط الحضري، حسب الدراسة، الأكثر احتمالا بالتبليغ عن هذه الأعمال مقارنة مع زملائهم في المؤسسات العمومية وتلك المتواجدة في الوسط القروي.
في حين، صرح 21.2 في المائة من تلامذة الابتدائي و38.9 في المائة من التعليم الثانوي أنهم يعرفون بعض ضحايا التحرش الجنسي، ما يعني أن هذا النوع من العنف يشمل الذكور والإناث.
مرتكبو العنف
في المدارس الابتدائية، حسب نتائج الدراسة، تصدر عدة أنواع من العنف اللفظي والبدني على يد أشخاص مختلفين وحسب المستوى الدراسي. ففي الابتدائي، فإن مرتكبي أعمال العنف هم أساسا الذكور، ولكن سبق وصرح بعض التلامذة أنهم تعرضوا لأعمال عنف ارتكبها في حقهم الأساتذة. أما في التعليم الثانوي فالتلامذة هم مرتكبو أعمال العنف اللفظي والرمزي.
وحسب الترتيب، فإن الأساتذة والدخلاء على المؤسسة، ومجموعات الشباب في محيطها والأطر التربوية، يأتون بعدهم، ثم بشكل أقل الآباء والأمهات وأولياء الأمور.
واعتبرت الدراسة أن التلامذة يبقون عرضة لأنواع مختلفة من العنف من طرف فاعلين متعددين في المدرسة، كما أن أعمال العنف التي يرتكبها اشخاص من خارج المؤسسة أقل وتيرة، إلا أنها أكثر حضورا في الوسط القروي.
أما بالنسبة للتحرش، أظهرت النتائج أن مرتكبي التحرش في السلك الابتدائي هم التلامذة الذكور بـ (66.3 في المائة)، وصرح بعض التلامذة (5.8 في المائة) أن الأساتذة هم من يتحرشون.
أما في التعليم الثانوي فإن مرتكبي التحرش هم أساسا التلامذة الذكور بشكل فردي أو جماعي (70.1 في المائة) ثم يليهم الأساتذة (20.4 في المائة) ثم أشخاص من خارج المؤسسة وأطر تعمل بها.
أما فيما يخص التحرش الجنسي، فإن التلامذة الذكور هم أهم مرتكبي هذه الأعمال علما، حسب الدراسة، أن عددا مهما من التلامذة صرحوا أن الأساتذة معنيون كذلك. حيث أفاد 6.9 في المائة من تلامذة الابتدائي و24.5 في المائة من تلامذة الثانوي أنهم تعرضوا للتحرش الجنسي من طرف الأساتذة.
وخلصت الدراسة إلى أن العنف في الوسط المدرسي يشكل تحديا كبيرا بالنسبة للتربية، والارتقاء بالفرد وتنمية المجتمع، مؤكدة ضرورة وضع سياسة واضحة لمحاربة العنف في الوسط المدرسي، تحظى بدعم والتزام سياسي قوي وقوانين فعالة، وتساعد على دمجها في عمليات الإصلاح التربوي لتفعيل الإرادة السياسية لمحاربة هذه الآفة.
