بدعوة من الرئيس التونسي، قيس سعيد، سيجري كل من الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، زيارة إلى الدولة التونسية في الـ22 من الشهر الجاري، في إطار الاجتماع التشاوري الأول بين هذه البلدان المغاربية الثلاثة، حسب ما أفاد به بيان للرئاسة التونسية.
ويأتي هذا اللقاء استكمالا للاجتماعات التي عقدت في الجزائر بمبادرة من الأخيرة، على هامش استضافتها قمة الدول المصدرة للغاز في بداية مارس الماضي، حيث أجرى المسؤولون المغاربيون الثلاثة محادثات في هذا الشأن، خلصت إلى عقد قمة كل ثلاثة أشهر بين المعنيين، تكون أولها في تونس، حسب ما أفاد به الرئاسة الجزائرية حينها.
وأثارت هذه المبادرة الجزائرية الكثير من الجدل بشأن نية الجزائر تأسيس تكتل مغاربي ثلاثي يقصي المغرب، وذلك رغم توضيح بعض الأطراف، خاصة الطرف الليبي، موقفه في هذا الصدد، فيما أكد مصدر ليبي مسؤول لجريدة جريدة النهار أن “الاجتماع الثلاثي الذي ستحتضنه تونس سيناقش فقط المسائل الأمنية المرتبطة بضبط الحدود، وسينصب على دراسة التحديات والتهديدات التي تشهدها الحدود المشتركة بين الدول الثلاث”.
وأوضح المصدر الذي تحدث لجريدة جريدة النهار الإلكترونية أن “هذا الاجتماع التشاوري هو اجتماع أمني خالص، وليس مُوجها ضد أي دولة مغاربية أخرى، لأن ليبيا لا يمكنها في الوقت الحالي اتخاذ أي موقف ضد أي دولة كانت نتيجة وضعها الحالي، خاصة في ظل استقالة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، وانتظار تعيين مبعوث جديد”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “الظروف الحالية التي تمر بها ليبيا، مع غموض مستقبل الحوار السياسي الليبي، لا يسمح لها بالخروج بأي موقف أو خطوة معادية تجاه أي دولة كانت”، مسجلا أن “أي اجتماعات مستقبلية المسؤولين في كل من ليبيا وتونس والجزائر، ستنصب فقط على معالجة الإشكالات والتحديات الأمنية المشتركة على الحدود، وليس شيئا آخر”.
في السياق ذاته قال محمد الأسعد عبيد، حقوقي تونسي مهتم بالشأن المغاربي، في تصريح لجريدة النهار، إن “اللقاء المرتقب في تونس سيتناول بالأساس قضية الهجرة غير النظامية، إذ يأتي الإعلان عنه مباشرة بعد زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى تونس التي دعت من خلالها إلى اعتماد مقاربات جديدة لتدبير ملف الهجرة غير القانونية، مع تقديم مساعدات للدولة التونسية بقيمة 50 مليون يورو”.
وأضاف عبيد أن “المهاجرين غير النظاميين المتوافدين على إيطاليا يأتون من تونس والجزائر وليبيا، باعتبارها الدول الأقرب إلى السواحل الإيطالية، وبالتالي فإن هذا الاجتماع سيركز بالأساس على تنسيق جهود الدول الثلاث في ملف الهجرة، وبحث سبل وقف تدفق المهاجرين إلى إيطاليا بما يتماشى مع ما هو منصوص عليه في الاتفاقيات التي وقعها الرئيس قيس سعيد مع رئيسة الحكومة الإيطالية؛ وعليه فهو لا يخرج عن هذا الإطار، على اعتبار أن الدول الثلاث هي المعنية الأولى بتنسيق الجهود لمعالجة هذا الإشكالية، ولا علاقة للأمر بأي تكتل مغاربي يقصي أي دولة مغاربية، على اعتبار أن الأمر مرفوض في أصله”.
جدير بالذكر أن المجلس الرئاسي الليبي كان قد عبر عن موقفه من المبادرة الجزائرية بتأسيس كيان مغاربي ثلاثي يضم تونس وليبيا فقط، إذ أجرى رئيسه محمد المنفي مباشرة بعد الإعلان هذه المبادرة لقاء مع المكلف بتسيير أعمال وزارة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة أحمد الدبيبة، استعرضا خلاله تطور الوضع السياسي والمستجدات المتعلقة بدور الاتحاد الإفريقي والعمل على تفعيل دور الاتحاد المغاربي، في رفض واضح للمقترح الجزائري الذي يقصي الرباط ونواكشوط.
من جهته كان عبد الهادي الحويج، وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية المكلفة من طرف البرلمان برئاسة أسامة حماد، أكد في تصريح خص به جريدة النهار رفض الحكومة الليبية في الشرق تأسيس أي كيان سياسي جديد يُقصي إحدى الدول المُكونة للفضاء المغاربي، مؤكدا تمسك ليبيا بالاتحاد المغاربي في صيغته الخماسية، ورفضها الانخراط في أي مبادرة لتقسيم الفضاء المغاربي.
