أجمع خبراء في الصحة، متخصصون في أمراض النساء وصحة الطفل والأجنة والأمراض المعدية للأطفال على ضرورة رفع الوعي بأهمية الوقاية من الإصابة بسرطان عنق الرحم بواسطة التلقيح ضد فيروس الورم الحليمي البشري، المعروف اختصارا بـ HPV، في الوسط العلمي والطبي.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي، يعد الأول من نوعه في العالم العربي، نظم صباح أمس الأربعاء، عن بعد، عبر تقنية التناظر الرقمي وخصص لعرض التقدم نحو التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ضمنها المغرب، دعما لمنظمة الصحة العالمية في القضاء على سرطان عنق الرحم بنسب تعرف بالرمز ” 90:70:90 ” المحددة من قبل المنظمة الصحية نفسها.
وأكد مختلف المتدخلين على إمكانية الوقاية من سرطان عنق الرحم وتفادي الإصابة بعدواه، وبالتالي تجنب أعبائه الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، لخطورته باعتباره فيروسا مسؤولا عن الإصابة بنسبة 70 في المائة من نساء المنطقة بسرطان عنق الرحم، ويتسبب في وفيات في صفوفهن بشكل سنوي، بينما يكن في عمر العطاء الاقتصادي والاجتماعي.
وتبعا لذلك، يؤكد خبراء الصحة أهمية التلقيح ضد فيروس الورم الحليمي البشري، إذ يعتبرونه فرصة للقضاء على المرض عبر العالم، يتيح حماية للأجيال القادمة، سواء من الإناث والذكور، تحقيقا لأهداف المنظمة العالمية للصحة، بما يساهم، بشكل متوازي، في الحماية من أمراض سرطانية أخرى، مثل سرطان القضيب، المهبل، الشرج وأعضاء أخرى في الجسد، وفي مقدمتها الجهاز التناسلي، وفقا لما تحدثت عنه الدكتور فادي ميرزا، خبير في أمراض النساء والتوليد وطب الأم والأجنة، حين تدخله حول الموضوع في المؤتمر الصحفي المذكور.
وعن الوضعية الوبائية لانتشار الفيروس في دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا، عرضت الدكتورة ابتهال فاضل، رئيسة تحالف شرق البحر الأبيض المتوسط للأمراض غير السارية تجربة المغرب في التصدي للفيروس لتحقيق أهداف المنظمة العالمية للصحة، ووصفت المخطط المغربي بأنه على الطريق الصحيح لتطوير مناسب لمكافحة سرطان عنق الرحم، إذ أنه يوفر اللقاح المضاد لفيروس الورم الحليمي البشري كما سبق له تنظيم حملة تحسيسية وطنية تهم التوعية بالفحص المبكر عن المرض نفسه.
ويعد سرطان عنق الرحم، ثالث الأنواع السرطانية الأكثر انتشارا بين النساء في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يتسبب في وفاة امرأة في كل دقيقة، فيما يعتبر التشخيص المتأخر للإصابة بالمرض سببا في وفاة نصف الحالات، ما دفع بعدد من بلدان المنطقة إلى وضع برامج لتحقيق الهدف الدولي بالقضاء على المرض بحلول سنة 2030، تضيف الدكتورة ابتهال فاضل، رئيسة تحالف شرق البحر الأبيض المتوسط للأمراض غير السارية.
من جهته، ركز الدكتور فادي ميرزا، على أهمية رفع الوعي الصحي بأمان ونجاعة اللقاح ضد الفيروس المسؤول عن سرطان عنق الرحم، سيما بعد أن كان ضحية الشكوك والأفكار المغلوطة حوله، بينما يعد سرطان عنق الرحم أكثر الأمراض شيوعا بسبب العلاقات الجنسية، بما فيها الممارسة بعازل طبي، ما يتطلب رفع الحماية ضد مرض 70 في المائة منه تعود إلى النوعين اللذين يحملان رقم 16 و18، ويمس نصف مليار سكان المعمور.
ومن علامات الإصابة به حدوث تآليل أو التهابات تتحول إلى سرطان، في حالة عدم التشخيص المبكر بواسطة “الفروتي”، أو حدوث نزيف بعد الجماع، علما أنه يهم الفئة العمرية المتراوحة أعمارها بين 35 و54 سنة، الفترة التي تعد ذروة الحياة العائلية أو المهنية للمصابين، يعلق الخبير نفسه.
وللمساهمة الفعلية في تحقيق الأهداف الأممية للصحة للقضاء على سرطان عنق الرحم، تحدثت الدكتورة زينب مالك، استشارية طب الأطفال والأمراض المعدية للأطفال عن وجود حاجة ماسة لتخطي مجموعة من الحواجز والعقبات التي تحول دون الاستفادة من التلقيح المضاد لفيروس الورم الحليمي البشري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من بينها العقبات الثقافية والعادات الاجتماعية والنزعات المحافظة، بينما يشكل اللقاح، حسب المتخصصة نفسها، أداة حيوية للصحة العمومية، ولذلك دعت إلى الاعتماد على نشر التعليم والتثقيف في الوسط المدرسي والاجتماعي والأسري لرفع الوعي بأهمية الوقاية من سرطان عنق الرحم عن طريق التلقيح والكشف المبكر لحماية الأجيال المقبلة.
