كانت قوة الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز، ليلة الجمعة 8 شتنبر الجاري، كافية للتنبؤ بحالة المناطق القريبة من مركزه الذي حدد في جماعة إيغيل، من ضمنها دواوير ومداشر جماعة أداسيل، إحدى النقاط الأكثر تضررا من الهزة الأرضية.
المعلومات الأولية التي حصلت عليها “الصحراء المغربية” خلال زيارة للمنطقة، تفيد أن الوضع يفوق ما يمكن أن يستوعبه مفهوم الكارثة من معاني، حيث تم تجنيد الوسائل اللازمة للتدخل، ورصد أسطول كبير من سيارات الإسعاف، التي تعززت بخدمات سيارات الإسعاف الخاصة، إضافة إلى عدد كبير من سيارات نقل الموتى، لكن المهمة كانت جد معقدة بالنظر الى طبيعة التضاريس الجلية لهذه الدواوير والمداشر المعلقة في الجبال والمتفرقة على مسافات كبيرة، خصوصا أن المسالك المؤدية إليها في الأيام العادية جد وعرة، فما بالك في ظروف كارثة ليلية.
المشكل الذي واجه عمليات الإنقاذ التي تعبأت لها مختلف المصالح من درك و قوات مساعدة ووقاية مدنية وسلطة محلية، تأتى بالدرجة الأولى من كون الجبال لحظة وقوع الزلزال لفظت عنها كما هائلا من الصخور الضخمة والأشجار والتربة التي تزاحمت على طول الطريق، فكان لزاما التصدي أولا لهذه المهمة، وهو ما أبطأ وصول الفرق المعنية إلى عدد من المناطق المنكوبة. والأكثر من ذلك فكثير من الدواوير المعنية بهذا الدمار توجد في أماكن المسالك الموصلة إليها جد صعبة، و يستحيل التدخل فيها ليلا.
ولتدليل هذه الصعوبات، تقاطرت الشاحنات العسكرية المحملة بالجرافات والمعدات اللوجستية على المنطقة من أجل إعادة فتح الطرقات المغلقة وتسهيل عبور سيارات الإسعاف والشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية المخصصة لساكنة هذه الدواوير، والتي سويت مساكن العديد منها بالأرض بسبب قربها من بؤرة الزلزال وكذا بالنظر لطبيعة المباني الطينية بالمنطقة.
كانت نتيجة التدخلات مفعمة بكثير من الألم لأنها تفضي إلى إضافة أعداد مهمة من الضحايا الذين فارقوا الحياة تحت أنقاض المباني المتصدعة، والمصابين الذي يوجدون بين الحياة والموت، وكانت مواكب سيارات الإسعاف وسيارات نقل الموتى تتنقل جيئة وذهابا بين إقليم شيشاوة ومراكش. و مع كل رحلة تزداد أرقام الموتى و الجرحى انتفاخا.
في حديثه ل”الصحراء المغربية”، أوضح امبارك أحد سكان جماعة أداسيل بإقليم شيشاوة خلال سؤال حول العامل المفسر لكثرة الضحايا، أن الزلزال كان قويا، والدور جد هشة، بالإضافة إلى عامل آخر يتمثل في كون هذه المناطق مختلفة عن الحواضر، في المدينة ينام الناس متأخرين، لذلك تكون فرصتهم للهرب أوفر، لكن في القرية فالناس ينامون مبكرا، لذلك عندما وقعت الكارثة فاجأت الكثيرين في فراشهم نياما، لم يكن هناك سبيل للإفلات من قدرهم.
من جانبه، عبد الحق أحد ساكنة دوار مجديد بجماعة أداسيل عن تقديره للجهود التي تبذلها السلطات المحلية ومختلف المتدخلين لإنقاذ ضحايا الزلزال، وتوفير المأوى للسكان الذين تضررت مساكنهم جراء الزلزال.
وتواصل فرق الإنقاذ على مستوى جماعة أداسيل بإقليم شيشاوة، عمليات البحث عن ناجين محتملين تحت الأنقاض وانتشال ضحايا الزلزال العنيف، متحدية وعورة المسالك الجبلية، رغم الظروف الصعبة الناجمة عن طبيعة التضاريس الوعرة بهذه المنطقة الجبلية والانهيارات الصخرية التي خلفها الزلزال، والتي أدت إلى وقف حركة السير لساعات طويلة على الطريق المؤدية إلى الدواوير المنكوبة.
وفي هدا الاطار، أكد خالد أيت الطالب وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خلال زيارة قام بها لعدة مراكز ومؤسسات صحية بجهة مراكش آسفي، أن الوزارة عبأت ترسانة لوجستية جد هامة لضمان سرعة عمليات التدخل والإنقاذ لفائدة ضحايا الزلزال، مبرزا أن كل جهة تتوفر على أسطول مهم من سيارات الإسعاف يقدر بـ 100 سيارة، بما في ذلك سيارات إسعاف طبية مجهزة، فضلا عن ثلاثين سيارة إسعاف تم تسخيرها مؤخرا، بهدف ضمان سرعة عمليات التدخل والإنقاذ.
وعلى مستوى كل منطقة من المناطق الأكثر تضررا من الزلزال، أوضح أيت الطالب أنه جرى ايفاد فريق طبي متخصص في الإنعاش إلى المناطق الأكثر تضررا، والعمل على نقل الجرحى وفق مستوى الخطورة والجروح التي أصيبوا بها.
وعبر الوزير، عن اعتزازه بمستوى التضامن الذي أبان عنه المغاربة في هذا الظرف العصيب، داعيا المواطنين إلى الحفاظ على هذا الزخم من التضامن، الذي تمثل بالخصوص في التوافد الكبير والمكثف للمواطنين على مراكز تحاقن الدم، والعمل الجمعوي والدعم النفسي.
وأشار إلى أن هذه الزيارة تأتي تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل تقديم المواكبة الطبية والنفسية والاجتماعية لضحايا هذا الحدث المأساوي والوقوف على الخدمات المقدمة لهم.
تصوير : عيسى سوري
