تطرح عملية تدبير المرافق المحلية بالجماعات الترابية إشكاليات متعددة ترخي بظلالها على الاستثمار الترابي في ظل محدودية الفاعل المنتخب، ومخالفة القوانين التنظيمية للجماعات الترابية لمضامين الوثيقة الدستورية.
وأثيرت خلال ندوة علمية نظمت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، الثلاثاء، إشكالية التدبير الترابي ومدى تأثيرها على الاستثمار العمومي المحلي، خصوصا في ظل عجز المنتخبين بالمجالس الترابية على تدبير التعاقدات.
وتطرق جواد لعسري، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، للإشكالات الدستورية التي تطرحها الشركات الجهوية متعددة الخدمات التي ستعوض التدبير المفوض في قطاعي الماء والكهرباء.
واعتبر لعسري، وهو منسق ماستر الحكامة القانونية والقضائية، أن الحديث عن الاستثمار العمومي الترابي فيما يتعلق بالشركات الجهوية متعددة الخدمات، سابق لأوانه، على اعتبار أن الأمر يتطلب النظر في الجانب القانوني المنظم لهذه الشركات وعلاقته بالدستور والقوانين التنظيمية.
وقال إن القانون رقم 83.21 المتعلق بالشركات الجهوية يعارض مقتضيات القانون التنظيمي للجماعات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 83، ما يجعله مخالفا للدستور، وبالتالي يعارض مقتضيات قانون أسمى منه درجة.
وأضاف الأستاذ الباحث أن القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات الذي أحدث قطيعة مع جميع أنماط تدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير، بما فيها التدبير المفوض والمكتب الوطني، يمنح الجماعات أحقية تدبير مرافق الماء والكهرباء، الأمر الذي يقتضي احترام القانون المحدث لهذه الشركات مبدأ التراتبية المنصوص عليه في الدستور.
من جهتها، أبرزت مارية جوهري، رئيسة المركز المغربي للدراسات والأبحاث المالية والضريبية، أن الاستثمار الترابي من خلال عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، يصطدم بإشكالية مدى قدرة المنتخب المحلي على التعامل مع تعدد نماذج التعاقد التي تتطلب معارف عالية النظر ودراية بتقنيات التفاوض من طرف الجماعات الترابية مع هذه الشركات، خصوصا الدولية منها.
وأشارت إلى أن العقود التي تبرم بين القطاعين العام (الجماعات الترابية) والخاص (الشركات) من أجل تحفيز الاستثمار، تبقى محفوفة بالمخاطر، وتظل سلاحا ذا حدين بالنسبة لهذه الجماعات الترابية المتعاقدة.
وقالت المتحدثة ذاتها: “إن كانت هذه العقود توفر فرص تمويل لفائدة الجماعات الترابية وتذكي الاستثمار بها، فإنها تسائل مدى جاهزية الإدارة الترابية والمنتخبين في ظل غياب رؤية لدى المنتخب وغياب دراية بصعوبة هذه العقود والصياغة القانونية لها”.
وشددت الباحثة في معرض مداخلتها على أهمية تأهيل الجماعات الترابية، وخاصة الفاعل المنتخب، من أجل القدرة على التفاوض لتشجيع الاستثمار بالجماعة الترابية وتوفير مداخيل مالية، وكذا العمل على إتاحة الفرصة للمقاولات المحلية لكي تستفيد من آثار هذه العقود.