نظمت اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه “وزارة العدل)” بشراكة مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بمدينة مراكش، يومي 8 و9 فبراير 2024، ورشة تدريبية تحسيسية حول “دعم قدرات مهنيي وسائط الإعلام في مجال مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين”، حيث استفاد منها 30 صحافيا وصحافية من المهنيين والمتخصصين في مجال العدالة والقضاء، بشراكة مع جمعية إعلاميي عدالة، وبتأطير من ثلة من الخبراء الوطنين والدوليين.
وفي هذا الصدد، قالت المكلفة بتنسيق كتابة اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، إن تنظيم الورشة التدريبية يأتي في إطار دعم التحسيس والتوعية وتعزيز قدرات رجال ونساء الإعلام، في مجال مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، وكذا تهريب المهاجرين.
وأضافت أن برمجة الدورة التكوينية تندرج ضمن المجهودات المبذولة التي تشرف عليها اللجنة الوطنية تفعيلا للمخطط الاستراتيجي التنزيلي للخطة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه “2023-2026″، من أجل ضمان انخراط أمثل للإعلام كفاعل أساسي في مجال الوقاية والتحسيس بمخاطر جريمة الاتجار بالبشر.
من جانبه، قال سعيد تمام، ممثل قطاع التواصل بوزارة الثقافة والشباب والتواصل، وعضو اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، إن المقاربة القانونية الزجرية مهما كانت صرامتها، لا يمكن أن تكون جوابًا كافيا وحلًا نهائيًا، لدحْر هذه الجريمة المركّبة بتعقّد صُورها وتفرعاتها وامتداداتها وآثارها على ضحاياها وذويهم وعلى المجتمع برمّته.
وأكد أن مكافحة خطورة هذه الجريمة تستدعي تضافُر جهود مجموعة من المتدخلين لتطويقها، ومن باب أَولى، وسائل الإعلام، نظرا لما هو معترف لها به من قدرة على التأثير الإيجابي في سلوكات الأفراد والجماعات والرفع من درجة الوعي وإشاعة الثقافة القانونية.
في هذا الإطار، قال ممثل قطاع التواصل أن وزارة الشباب والثقافة والتواصل، قطاع التواصل، منخرطة بما يكفي من الجدّية والمهنية، ووفق ما تُلزمه بها الاختصاصات الموكولة إليها بقوة القانون، في المساهمة مع كافة الشركاء في تكثيف المبادرات الرامية إلى التوعية والتحسيس بمخاطر جريمة الاتجار بالبشر.
وأبرز أنه تفعيلا للمادة 7 من المرسوم رقم 2.06.782 بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة الاتصال، فإن قطاع التواصل، يُساهم، وكلما طلب منه ذلك، في مواكبة تنظيم وإنجاح الحملات التواصلية التي تقوم بها القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية المعنية بالموضوع، وذلك من خلال المساهمة في إعداد البلاغات والملفات الصحفية والدعامات السمعية البصرية وكذا السعي إلى توفير التغطية الإعلامية لها على أوسع نطاق.
وأكد محمد شبيب، رئيس شعبة حماية الأسرة والفئات الخاصة برئاسة النيابة العامة، وعضو اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، أن دور الإعلام في التحسيس بجريمة الإتجار بالبشر، ينطلق من مبدأ الوقاية، كونه الناطق والمبلغ والقائم بالدور التوعوي والتأطيري للمجتمع.
وأضاف في تصريح لـ “الصحراء المغربية”، خلال الدورة التكوينية التدريبية تحت عنوان “دعم قدرات مهنيي وسائط الإعلام في مجال مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين”، التي نظمتها اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، بدعم من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بمراكش يومي 8 و9 فبراير 2024، أن الإعلام شريك أساسي يتجلى دوره في تحسيس المجتمع وإذكاء الوعي بمختلف عناصر جريمة الاتجار بالبشر.
وفي هذا الصدد، أبرز أن دور الإعلام ينطلق من الوقاية إن على مستوى التوعية من خلال برمجة عدد من الوصلات واللقاءات التي تبين خطورة الجريمة، والتشجيع على الخروج من الصمت والتبليغ عنها، أو مواكبة تغطية المحاكمات والقضايا المرتبطة بالظاهرة، ليكون المجتمع على إحاطة بما تعرفه هذه القضايا من تطور، وفي نفس الوقت تحقيق جانب الردع من خلال تقديم الأحكام الصادرة فيها، والتي تعكس دور القضاء في محاربتها والحزم للتصدي لها.
واستحضر المسؤول القضائي، في تصريحه، تجربة البروتوكول الترابي لحماية النساء والأطفال الذي تمخض عنه “إعلان مراكش”، مصرحا أن الإعلام كان فيه شريكا أساسيا بكونه القائم بدور التوعية والتأطير بخصوص حماية النساء والأطفال، والحال ينطبق على جريمة الإتجار بالبشر.
ولفت شبيب إلى أن القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر الصادر في 16 غشت 2016، وضع إطارا متكاملا يتطرق لهذه الجريمة بعناصرها سواء من حيث التعريف والتحديد والأركان والوصف باعتبارها جناية، كما تطرق لظروف التشديد وبعض الجنح المرتبطة بالجريمة.
وفي هذا الإطار، عرج على المفاهيم التي تستعمل من طرف وسائل الإعلام، باعتبار أنه دائما ما يقع نوع من الخلط بين مفهوم جريمة الاتجار بالبشر وجريمة تهريب المهاجرين، ما يؤدي إلى إصدار بعض البلاغات التي تمزج في شكل غير منسجم بين الجريمتين، والحال أن كل جريمة لها أركانها وشروطها بخلاف الجريمة والفعل الاخر.
وشدد على أن المشرع المغربي كان دقيقا في استعمال مصطلح الاتجار بالبشر عوضا عن الإتجار في الأشخاص وذلك خلافا لبعض التشريعات المقارنة، حيث استفاض في التمييز بين جريمة الاتجار في البشر وجريمة تهريب المهاجرين، مؤكدا على ضرورة الانتباه إلى مصطلح اللغة الإعلامية بخصوص الصحافة المهتمة بالظاهرتين.
واعتبر أنه في المغرب يتم المزج بين الجريمتين “الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين” مبرزا أن ضبط المفاهيم من شأنه فهم طبيعة القضايا وطبيعة الأحكام وتغطية إعلامية في محلها وتتوافق مع المصطلحات القانونية.
واستعرض بالمناسبة، الجهود التي يبذلها المغرب في مجال تكريس وقاية فعالة من الممارسات المؤدية إلى الاتجار بالبشر وضمان حماية ناجعة لضحايا هذه الجريمة الماسة بالكرامة الإنسانية، وزجر مرتكبيها طبقا لما تم إقراره في القانون المتعلق بمكافحة جريمة الاتجار بالبشر.
وأوضح أن رئاسة النيابة العامة تواصل تعزيز قدرات شبكة الوكلاء العامين المكلفين بقضايا الاتجار بالبشر عن طريق التكوينات والتدريبات التي تنظمها بشراكة مع فعاليات وطنية ودولية في المواضيع التي تكتسي أهمية عملية وتستجيب لمتطلبات اشتغالهم.
وفي إطار تفعيل الآلية الوطنية لإحالة ضحايا الاتجار بالبشر، أشار شبيب إلى أنه تم تفعيل رقم أخضر مجاني للتبليغ عن حالات محتملة للاتجار بالبشر، حيث تلقت رئاسة النيابة العامة 34 إبلاغا من اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، تمت إحالتها على النيابات العامة المختصة نوعيا وترابيا.
عبد الصمد مطيع، نائب مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال، قال إن انفتاح المؤسسات القضائية على الاعلام يأتي في إطار تكريس مبادئ الديمقراطية وتعزيز الشفافية ودور مؤسسات الدولة خاصة داخل المجتمع، وكذلك يعد لبنة أساسية لبناء علاقات متوازنة تساهم في خلق مجتمع حداثي متشبع بقيم الديمقراطية وحقوق الانسان.
وأضاف أن الصحافي ومن منطلق المسؤولية الاجتماعية إزاء المجتمع مطالب بالانفتاح على جميع القضايا التي تشغل الرأي العام منها قضية الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، كقضايا راهنة تشغل الرأي العام، وتشغل مؤسسات الدولة الوطنية والدولية، وبالتالي فإن محاربة هذا النوع من الجرائم يعد مهمة أساسية ونبيلة، والصحافي يمكن أن يثير حولها النقاش ويمكن أن يقوم بدوره في التحسيس والتعريف بالظاهرة أو الجرائم مجتمعة.
واعتبر مطيع أن تخلص المجتمع من هذه الجرائم التي تمسه لن يتأت إلا بتظافر جهود جميع المتدخلين والفاعلين سواء المؤسسات القضائية أو المؤسسات المواكبة والدعم النفسي والصحي وكذلك الإعلام لأن دوره أساسي ومهم جدا.
وأشرف على تأطير محاور الدورة مجموعة من الخبراء الوطنيين والدوليين من ممثلي وزارة العدل، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج – قطاع المغاربة المقيمين بالخارج، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع التواصل، ورئاسة النيابة العامة، والمعهد العالي للإعلام والاتصال، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
وتوخت الورشة التكوينية تعزيز القدرات والمهارات في مجال مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين من خلال الإلمام الجيد بجريمتي الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين والتمييز بينهما. فضلا عن تفعيل المشاريع التي تلتقي مع الأهداف التي تسعى المؤسسات ذات الصلة بالعدالة وحقوق الإنسان لتحقيقها، والإسهام في تكوين الصحافيين في هذه المجالات.
وخلصت فعاليات الورشة إلى تقديم مجموعة من التوصيات التي تروم ترجمة الانخراط الفعلي للإعلام في مجال تنمية الوعي المجتمعي والتحسيس بمخاطر ظاهرة الاتجار بالبشر وأهمية التبليغ عن الحالات المحتملة للضحايا في سياق تفعيل الآلية الوطنية لإحالة ضحايا الاتجار بالبشر.
