زلزال الحوز .. جهود متواصلة لانقاَذ المصابين وانتشال الضحايا ورب أسرة يروي مشاهد رعب الفاجعة

تصوير: عيسى سوري
حجم الخط:

كان مساء الجمعة هادئا كالعادة، لكن الأقدار شاءت أن تعكر صفو هذا الطقس المسائي، الذي تعيشه مدينة مراكش، فما هي إلا سويعات، وتحديدا الـ 11 و10 دقائق ليلا، حتى تحركت الأرض برجات مختلفة ومتنوعة، خارت معها الأسقف والحيطان على رؤوس ساكنتها خصوصا في بؤرة الزلزال بثلاث نيعقوب، وتحديدا بجماعة ايغيل القروية بإقليم الحوز، التي سويت بعض بناياتها بالأرض، وكانت الحركة الارتدادية قوية أيضا بجماعات مولاي إبراهيم، تحناوت، أسني وكل المداشر القريبة من هذه البؤرة. وبالمدينة العتيقة لمراكش لم يكن الأمر مختلفا، حيث أسفرت الهزة الأرضية القوية، عن انهيار صومعة جامع خربوش بساحة جامع الفنا، ألى جانب منازل بالأحياء القديمة لم تخضع لإعادة الهيكلة، أو التي تآكلت بفعل الرطوبة وعوادي الزمن، مخلفة إصابات وقتلى.

وبعد انكشاف خيوط الصباح، تم الكشف عن هول الفاجعة الأخطر في تاريخ المغرب، وبدأ إحصاء الأضرار، التي أسفرت عن حصيلة ثقيلة وخسارة فادحة في الأرواح والإصابات، وبدأ التحرك لاحتواء الفاجعة والتعبئة في أقصى مستوياتها، حيث تقاطرت سيارات الإسعاف على المستعجلات التابعة لمستشفيات إقليم الحوز، والمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، وتم وضع معدات لوجستيكية لفتح الطرقات المغلقة جراء الانهيارات الصخرية لتسهيل عمليات الاتقاد.

مباشرة بعد الهزة الأرضية، التي بلغت قوتها 7 درجات على سلم ريشتر، تعبأت ساكنة مراكش بشكل عفوي من أجل تقديم يد المساعدة للأشخاص المتضررين، إلى جانب السلطات المحلية، والوقاية المدنية، والمصالح الأمنية التي لم تدخر جهدا سواء على المستوى البشري أو اللوجيسيتي.

فعلى مستوى مختلف أحياء المدينة، لم يدخر المواطنون، من كل الأعمار، جهدا، في بادرة وطنية ومواطنة، للمساهمة في الجهود المبذولة في هذه الظرفية لإنقاذ أرواح بشرية.

وارتفعت حصيلة ضحايا زلزال الحوز على مستوى المدينة العتيقة لمراكش، الى 15 قتيلا بعد انتشال جثتي مهاجر مغربي وزوجته من تحت انقاض دكاكين منهارة بمنطقة باب فتوح التجارية قرب ساحة جامع الفنا.

وتتواصل بعدد من المناطق بإقليم الحوز، الجهود التي تبذلها مختلف السلطات المختصة لإنقاذ المصابين وانتشال جثث ضحايا الزلزال الذي خلف آلاف القتلى والمصابين وسوى آلاف المباني بالأرض، خاصة بمنطقتي إيجوكاك  وويركان ومولاي إبراهيم وأسني وثلاث نيعقوب، ومنطقة أداسيل بإقليم شيشاوة. ويتواصل الأمل معها في العثور على ناجين تحت الأنقاض، ويستمر معها العمل والجهد لترميم ما عصف به الزلزال وتقويم ما علق في النفوس من آلام وأوجاع.

وعلى مستوى جماعة أمزميز، مازالت طلبات الاستغاثة متواصلة من طرف الساكنة، حيث أكد شهود عيان أن مناطق أزكور وأنكال وتيزكيد مازالت تعاني إلى حدود كتابة هذه الأسطر، وتناقل المواطنون تسجيلات صوتية على تطبيقات التواصل الاجتماعي، مطالبين بتوفير الغذاء والغطاء للمنكوبين وللعائلات المتواجدة في المكان.

وحسب المعطيات التي حصلت عليها “الصحراء المغربية”، فإن عمليات الانقاد بمنطقة إجوكاك مازالت متواصلة وسط توقع وجود مصابين محتملين، فيما تتواصل جهود الإنقاذ أيضا في ثلاث نيعقوب، مؤكدة حاجة المنكوبين والمتطوعين بالمنطقتين للغذاء والماء والغطاء.

وفي هدا الإطار تجندت القوات المسلحة الملكية والسلطات المحلية والمصالح الامنية والوقاية المدنية بعمالة إقليم الحوز، وسخرت جميع الوسائل والإمكانيات من أجل التدخل وتقديم المساعدات اللازمة وتقييم الأضرار.

من جهة أخرى، خلفت الهزة الأرضية القوية، حالة من الدعر والرعب في أوساط  ساكنة المدينة الحمراء، التي سارعت إلى الفرار من منازلها، حيث فضل جلهم قضاء الليل خارج المنازل وداخل السيارات خوفا من حدوث هزات ارتدادية أخرى عنيفة.

 ويروي عبد الصادق من مواليد سنة 1973 أحد سكان حي الملاح بالمدينة العتيقة بمراكش،  ل”الصحراء المغربية” مشاهد الرعب في الساعات الاولى للزلزال “خلال ليلة الجمعة الماضية، عشت كابوسا يصعب تخيله، على وقع زلزال قوي هز أركان منزلنا بعنف. ولم أتخيل في تلك اللحظات أننا سننجو”.

ويصف عبد الصادق الذي نجا وأسرته بأعجوبة من الزلزال، كيف تمكن بصعوبة شديدة هو وزوجته ووالداه من الخروج من منزلهم الذي كان يهتز بشدة وسط الخشية من أن ينهار فوق رؤوسهم، مضيفا ” “عشنا لحظات رعب عصية على الوصف، فقد كان منزلنا يهتز، وأمتعتنا تتساقط على الأرض، والشاشات تتساقط وتتحطم، وانهارت أجزاء من المنزل في تلك اللحظات، لم أكن أعتقد أننا سنبقى على قيد الحياة”.

وخلص الى القول  “اعتقدت في هذه اللحظة أن المنزل سينهار فوق رؤوسنا، حيث كانت كل خطوة مليئة بالرعب، لأن الظروف بدت مستحيلة. وكان المنزل السكني المجاور قد انهار، وظننت أن المنزل الذي نقطنه سيكون التالي”.

 

تصوير: عيسى سوري