مازال موضوع تأثير شح التساقطات المطرية على سير الموسم الفلاحي الحالي يلقي بظلال وارفة على النقاش العمومي الذي احتدم بين فرق الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب، مساء اليوم الاثنين، خلال جلسة عمومية خصصت للأسئلة الشفوية الأسبوعية، فيما نال حيزا وافرا من الأسئلة بلغت في المجموع خمسة أسئلة، أربعة منها آنية كانت لها “وحدة الموضوع”.
وكالت مجموعة العدالة والتنمية، على لسان البرلمانية هند بناني الرطل، في تعقيبها، انتقادات قوية اللهجة إلى وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية، قائلة إن “رمضان على الأبواب بينما يظلّ الغلاء يخيّم على أسعار اللحوم والخضر ومعظم المنتجات الغذائية-الزراعية”.
ولم تمر مداخلة البرلمانية المعارضة دون أن تثير ردوداً، أبرزها من نواب فريق التجمع الوطني للأحرار الذي أكد على لسان أحد نوابه أن “الأمن الغذائي بالمغرب لم يكن ليكون مضموناً في ظرفية المناخ الجافة حالياً لوْلا فضل سياسات قطاعية فلاحية وعقود برامج جمعت الدولة بعدد من منتجي السلاسل الغذائية والفلاحية بالمغرب في إطار مخطط المغرب الأخضر”.
بدوره، لم يتمالك النائب البرلماني (المثير للجدل) محمد السيمو، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، أعصابه، ليرد منفعلًا في تعقيب إضافي: “أستغرب ولا أفهم الانتقادات التي نسمعها في القاعة تجاه مجهودات حكومية غير فاترة ومنجزات ملموسة في تدبير الشأن المائي كما الفلاحي بالمغرب، بما يضمن في الظرفية الصعبة تأمينا وتمويناً عاديا للأسواق بوفرة في مختلف المنتجات الفلاحية”، قبل أن يختم حديثه بتعبير صريح عن إسناد قوي من لدن “فريق الأحرار” لوزير الفلاحة محمد صديقي، قائلا: “سيرْ السيد الوزير على الطريق الصحيح ونحنُ معك”.
تقدّم الموسم الحالي
برسم الموسم الحالي، أفاد وزير الفلاحة، في جوابه المفصل على “سؤال محوري”، بأن “معدل التساقطات بلغ إلى حد الآن 77 ملم، بتراجع بنسبة 54% مقارنة مع معدل 40 سنة (170 ملم) وبنسبة 44% مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية (137 ملم) التي كانت جافة بدورها”.
وزاد قائلا: “سجلت الواردات 600 مليون م3، أيْ بناقص 83% مقارنة مع المعدل، مع نسبة ملء السدود 22% مقابل 29% خلال الموسم الفارط في الفترة نفسها”.
وتعد “دوائر السقي الكبير الأكثر تأثرا بمساحة زراعات لم تتعد 400 ألف هكتار من أصل 750 ألف هكتار، أي بانخفاض 44%، ما انعكس سلباً على الحصة المائية للسقي بدوائر الري الكبير”؛ إذ “لا تتعدى 680 مليون م3 مقارنة مع الحصة المخصصة في المخطط المائي (5376 مليون م3)؛ أي بناقص 88%. أما السنوات الست الأخيرة، فلم يتعدّ معدل هذه الحصة 25%.
هذا الوضع مسّ، حسب الوزير، “جُل المناطق الفلاحية، وخاصة تلك المتواجدة جنوب وادي أم الربيع، مما أثر سلبا على سير الموسم الفلاحي الحالي، وخاصة نمو الزراعات والأشجار، وكذا الغطاء النباتي بالمناطق الرعوية”.
الزراعات الخريفية والشتوية
إلى حدود 14 يناير الجاري، تم، وفق الوزير، “زرع 2,86 مليون هكتار بالزراعات الخريفية الكبرى، منها 2,34 مليون هكتار من الحبوب (7% مسقية)، أي 54% من البرنامج المسطَّر خلال هذا الموسم، بـ33% مقارنة مع موسم عادي (4,3 ملايين هكتار)، إضافة إلى 142 ألف هكتار من الزراعات الكلئية، و100 ألف هكتار من القطاني”.
ولفت صديقي إلى “إنجاز برنامج الخضروات الخريفية على مساحة 90.662 هكتارا، أي 89% من البرنامج المحدد (101,7 ألف هكتار)، مذكرا بأحدَث “الإنجازات حسب الأنواع الأساسية من الخضر” (البطاطس حوالي 25.481 هكتارا، البصل 9228 هكتارا، ثم الطماطم المستديرة بـ3186 هكتارا).
أما زراعة “الخضروات الشتوية”، فأورد صديقي معطيات دالة بخصوصها، أبرزها ما أُنجز لغاية 14 يناير 2024 بحوالي 11 ألف هكتار، أي 15% من البرنامج المحدد (67 ألف هكتار) من 16 دجنبر إلى 15 مارس 2024.
وذكر الوزير أن هذيْن البرنامجين، الخريفي والشتوي، سيمكنان من إنتاج مختلف الخضروات قصد تغطية احتياجات الاستهلاك الداخلي للفترة الممتدة ما بين دجنبر 2023 ويونيو 2024، وخاصة في شهر رمضان.
كما أكد مواصلة قطاعه “مواكبة البرامج الزراعية” عبر اتخاذ تدابير الموسم الفلاحي 2023/2024 بشكل همّ كل حلقات سلسلة الإنتاج ومعالجة الظرفية من جهة، ومواصلة التنمية الفلاحية عبر تنزيل برامج استراتيجية الجيل الأخضر من جهة أخرى.
دعم البذور والأسمدة
حسب معطيات قدمها صديقي، فقد بلغت مبيعات بذور الحبوب، إلى اليوم، 655 ألف قنطار، أي 60% من الموفورات (1,1 مليون قنطار) بأسعار مُدّعمة وموحدة في جميع أنحاء المملكة، مشيرا إلى تقديم “إعانة بذور وشتائل الطماطم والبطاطس والبصل بغلاف مالي 1,8 مليار درهم”، (إعانة تتراوح بين 50 و70% من سعر اقتناء بذور الطماطم المستديرة والبصل والبطاطس لتشجيع الإنتاج وضمان تزويد السوق الوطنية بكميات كافية).
أما الأسمدة الآزوتية المستوردة بالكامل، فإن تزويد السوق الوطنية جرى بكميات كافية، قدرها حوالي 500 ألف طن، بأثمنة “مدعمة”، حسب المسؤول الحكومي الذي أعلن أن توزيع الأسمدة الآزوتية برسم الشطر الأول وصل إلى حدود الآن حوالي 845,82 ألف قنطار، أي 28% من هذا الشطر، لفائدة 54 ألف مستفيد.
كما تم الاستمرار في منح المساعدات للتحاليل المخبرية للتربة والمياه والنباتات، مع مواصلة البرنامج الوطني للبذر المباشر للحبوب، لتصل المساحة المزروعة بالبذر المباشر للحبوب 106 آلاف هكتار، وتوزيع 130 بذّارة (آلة) للبذر المباشر مجانا على التعاونيات الفلاحية.
ويستمر “دعم الدولة” للأعلاف، لا سيما “الشعير بثمن مدعَّم محدد في 200 درهم للقنطار يوزع بالشباك المفتوح، بكلفة إجمالية تبلغ 2,8 مليار درهم”، إذ تم “تنفيذ الشطر الأول لهذه العملية”، ثم “135 مليون قنطار من الشعير كشطر ثان شُرع في تنفيذه ابتداء من فاتح يناير الجاري”.
