
مزارعون يحذّرون من مخاطر حملة ترامب ضد الهجرة على الأمن الغذائي الأمريكي
تؤكد ليزا تايت، التي تعمل عائلتها في الزراعة في مقاطعة فينتورا الأميركية منذ عام 1876، أنه لم يسبق للمحاصيل أن تعرضت لتهديد مماثل لذلك الناجم عن حملة الرئيس دونالد ترامب ضد الهجرة.
وتخشى تايت من أن هذه الحملة الأمنية ضد العمال غير النظاميين، والتي لا تعالج بأي شكل من الأشكال مشاكل هذه المنطقة الزراعية الحيوية الواقعة شمال لوس أنجليس، قد “تفكك الاقتصاد بأكمله” وتعرّض الأمن الغذائي للبلاد للخطر.
وقالت المزارعة البالغة من العمر 46 عامًا، والتي تنتج الأفوكادو والحمضيات والبن، لوكالة فرانس برس: “بدأت أقلق حقًا عندما رأيت مجموعة من عناصر حرس الحدود يأتون إلى وادي سنترال ويبدؤون الدخول إلى المزارع لمحاولة مطاردة الأشخاص، متجاهلين صاحب الأرض”.
وأضافت: “هذا أمر غير معتاد في مجال الزراعة”.
وتابعت أن تأثير ذلك يتجاوز العاملين في الحصاد، إذ يؤثر على “سلسلة غذاء بأكملها”، من العاملين في الحقول وصولًا إلى سائقي الشاحنات والعاملين في مراكز التعبئة والتغليف والمبيعات.
وأكدت: “الجميع يشعر بالخوف”، بمن فيهم هي نفسها، رغم أنها أميركية منذ أجيال.
وأوضحت: “أشعر بالتوتر والخوف. نشعر بأننا نتعرض لهجوم”.
ورفض مزارعون آخرون تحدثت إليهم فرانس برس الإدلاء بتصريحات، مشيرين إلى خشيتهم من التعرّض لإجراءات انتقامية محتملة من إدارة ترامب.
نقص في العمالة
يحاول قطاع الزراعة منذ سنوات إيجاد حلول دائمة للنقص المزمن في العمالة، تتجاوز مجرد إصدار تصاريح مؤقتة للعمال المهاجرين.
وتشير تايت إلى أن “جزءًا من عملنا موسمي، لكننا في الواقع نحتاج إلى العمال على مدار العام”.
وارتفعت أعداد الوظائف المعتمدة من الحكومة للعمال المؤقتين في مجال الزراعة بثلاثة أضعاف بين عامي 2014 و2024، بحسب إحصائيات وزارة العمل، ما يسلط الضوء على مدى اعتماد قطاع الزراعة الأميركي على العمال الأجانب.
وإضافة إلى ذلك، فإن نحو 42 في المئة من العاملين في القطاع الزراعي لا يملكون تصاريح عمل في الولايات المتحدة، بحسب دراسة نشرتها وزارة الزراعة عام 2022.
وتتطابق هذه الأرقام مع الصعوبات التي يواجهها العديد من المزارعين في العثور على عمال.
ويقول هؤلاء إن المواطنين الأميركيين غير مهتمين بالعمل الشاق جسديًا، علمًا بأن العمل في الزراعة يتطلب قضاء ساعات طويلة في ظروف مناخية قاسية — سواء في درجات حرارة مرتفعة أو منخفضة، وتحت المطر أو الشمس.
وبالتالي، تحذّر تايت من أن طرد الأشخاص الذين يؤدون هذا العمل سيُلحق ضررًا جسيمًا لا يُقدّر.
وتقول إن الأمر لن يؤثر سلبًا فقط على المزارع، التي قد يستغرق تعافيها سنوات، بل سيؤدي أيضًا إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية، ويعرّض الأمن الغذائي في الولايات المتحدة للخطر، ما قد يضطر البلاد إلى البدء في استيراد منتجات كانت تنتجها سابقًا.
وأضافت: “ما نحتاج إليه حقًا هو تشريع من نوع ما، يتضمّن برنامجًا مناسبًا للعمال يضمن سلامتهم، وفي الوقت ذاته يوفّر أرضية منصفة للتجارة الدولية وتلبية الاحتياجات المحلية”.
“الجميع سيخسر”
وافق بعض عمال المزارع على التحدث إلى فرانس برس بشرط عدم الكشف عن هوياتهم الكاملة، خوفًا من التعرّض للتوقيف.
وقالت عاملة تدعى سيلفيا لفرانس برس: “كل ما نقوم به هو العمل”. وكانت قد شهدت توقيف عدد من أصدقائها في عملية دهم في أوكسنارد، على بعد نحو 16 كيلومترًا غرب فينتورا.
وتعيش المكسيكية البالغة من العمر 32 عامًا في خوف دائم من احتمال أن تكون هي الهدف التالي، وهو أمر قد يؤدي إلى فصلها عن ابنتيها المولودتين في الولايات المتحدة.
وقالت: “نحن بين نارين. إن لم نعمل، كيف سندفع فواتيرنا؟ وإن خرجنا، نواجه خطر مواجهة عناصر إدارة الهجرة والجمارك”.
أما ميغيل (54 عامًا)، الذي يعمل في حقول جنوب كاليفورنيا منذ ثلاثة عقود، فأكد أن “الجميع سيكون خاسرًا بالطريقة التي تتحرك بها الحكومة حاليًا”.
وأشار إلى أن العمال يفقدون وظائفهم، فيما يفقد أصحاب المزارع عمّالهم، وتخسر الولايات المتحدة جزءًا من أمنها الغذائي.
عمل ميغيل في وظائف عديدة ضمن قطاع الزراعة، بما في ذلك خلال تفشي جائحة كوفيد-19. ويقول إنها كانت جميعًا “وظائف صعبة جدًا”.
ويشعر الآن بأنه أصبح هدفًا للسلطات.
وقال: “عليهم فقط القيام ببحث بسيط ليفهموا. الطعام الذي يتناولونه يأتي من الحقول، أليس كذلك؟ لذا، من الأفضل أن يكونوا أكثر وعيًا ويسمحوا لنا بالمساهمة بشكل إيجابي، بدلًا من دفعنا إلى التواري”.