داء الكلب يفتك بالمواطنين الجزائريين وسط تعتيم إعلامي وغضب متصاعد

رغم أن شعبها ينام فوق ثروات نفطية هائلة، ورغم ادعاء رئيسها عبد المجيد تبون يوما أن المنظومة الصحية في بلاده من أفضل المنظومات في القارة الإفريقية، ما زالت الدولة الجزائرية تقف عاجزة عن احتواء داء الكلب المعروف منذ القِدَم، الذي نجحت مجموعة من الدول الإفريقية الفقيرة في احتوائه، وكأن المسؤولين الجزائريين ينتظرون وقوع كارثة صحية حتى يستيقظوا من سباتهم العميق.

في هذا الصدد، أعلنت بلدية “أولاد رحمون”، التابعة لدائرة الخروب بولاية قسنطينة شرق الجزائر، عن ظهور داء الكلب في دائرة التاتوري بمنطقة بونوارة، وهو ما دفع السلطات المحلية، ممثلةً في رئيس المجلس الشعبي البلدي لأولاد رحمون، إلى فرض حظر على دخول المنطقة الموبوءة لمدة عشرة أيام، وذلك في وثيقة رسمية مؤرخة في الـ13 من الشهر الجاري، تتوفر جريدة جريدة النهار الإلكترونية على نسخة منها.

إعلان داء الكلب يفتك بالمواطنين الجزائريين وسط تعتيم إعلامي وغضب متصاعد

وتحظى مثل هذه الأخبار بتعتيم إعلامي ممنهج من قِبَل وسائل الإعلام الجزائرية، التي لا تدخر جهدًا في مهاجمة المملكة المغربية بسبب انتشار الكلاب الضالة، محوِّلةً بذلك هذه الظاهرة التي تشهدها جلُّ دول العالم إلى أداة للتهريج السياسي ولصرف النظر عن الإهمال الداخلي الذي يعاني منه الشعب الجزائري من طرف حكامه العسكريين، الذين يحاولون دفن أزمات بلادهم الصحية والسياسية وسط مقابر الصمت والفساد.

في المقابل، أثارت وفاة مواطن جزائري نتيجة هذا الداء استياءً عارمًا في صفوف المواطنين الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فقد علَّق أحدهم على منشور الخبر قائلًا: “إذا كانت الكلاب الضالة تشكل خطرًا على حياة المواطن، لماذا لا يُقيمون لها ملاجئَ خاصةً ويقدمون لها الطعام واللقاح؟ أين الإنسانية؟ أين الرفق بالحيوان؟ سيُحاسَبون، والله سيُحاسَبون”.

وعلَّق آخر قائلًا: “كثرة الإهمال فتنةٌ والتركة، وكثرة الأوساخ فتنةٌ والهلكة”، بينما كتب ثالث: “ظهور الوباء وانعدام الدواء على مستوى المصالح الطبية… يبقى المواطن المصاب في حالة بحث عن جرعة الدواء في وقتها على مستوى جميع بلديات الولاية”.

ويعيد ظهور داء الكلب في الجزائر إلى الأذهان واقعة تفشِّي مرضَي الملاريا والدفتيريا في بلديات الجنوب الجزائري في أواخر العام الماضي، وهو ما تسبَّب في وفاة العشرات من المواطنين بسبب هشاشة المنظومة الصحية الجزائرية، بل وصل الأمر حينها إلى درجة امتلاء بعض المقابر في بعض البلدات وعدم توفر أماكن لدفن ضحايا هذين المرضين.

جديرٌ بالذكر أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كان قد صرَّح في كلمة له بمناسبة اختتام الملتقى الوطني لتجديد المنظومة الصحية سنة 2022 قائلًا: “إنني أقولها برأسٍ مرفوع: المنظومة الصحية الجزائرية من أفضل المنظومات في إفريقيا، في مجانية العلاج وتمديد الشبكات الصحية إلى أبعد نقطة في البلاد، حيث تم القضاء على الأمراض التقليدية القديمة بفضل الأطباء الجزائريين”، وهو الكلام الذي تدحضه الوقائع على الأرض؛ إذ تفتك مجموعة من الأمراض بالمواطنين الجزائريين، في وقتٍ تجد اللقاحات ضد الأوبئة المعروفة طريقها إلى المواطنين حتى في أفقر قرى إفريقيا.

زر الذهاب إلى الأعلى