أطلقت جامعة الحسن الثاني في الدارالبيضاء النسخة الأولى من الأسبوع الجامعي للإدماج، بغاية دمج الطالبات والطلبة في وضعية صعبة في الوسط الجامعي، أخذا بعين الاعتبار استقبال الجامعة، سنويا، مجموعة من الطالبات والطلبة في وضعية صعبة، ضمنهم طلبة في وضعية إعاقة، والطلبة الدوليين والطلبة السجناء، وذلك في إطار تفعيل المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، المعروف اختصارا بـ(Pacte ESRI 2030) ولمشروع تطوير الجامعة.
وينسجم إطلاق هذا الأسبوع مع معطيات الواقع الملموس داخل الجامعات المغربية”، حيث لا تكاد تخلو مؤسسة من مؤسسات الجامعة من طلبة أو طالبات في وضعية إعاقة ظاهرة أو مستترة، بينهم طلبة يتلمسون ممشاهم بعصا رقيقة يدقون بها الرصيف، وآخرون يبذلون جهدا لتحريك كرسي بعجلات، كما بين الطلبة والطالبات فئات تحمل سمات خلقية متفردة، قد ينظر إليهم بعيون ومشاعر تتراوح بين الشفقة أو الإحساس بالتميز والتفضيل، بينما هم فئة تحمل الكثير من القدرات، يعكس وجودهم داخل فضاء الجامعة الكثير من مواقف العزم والصبر والتحدي والإصرار والمثابرة وتحقيق الكثير من الإنجازات وبلوغ حالات التميز والنجاح، رغم المثبطات وصعوبات الولوج والتلقي ونظرة المحيط، التي قد تواجهها هذه الفئة داخل الحرم الجامعي.
وتبعا لذلك، يأتي الأسبوع الجامعي الأول للإدماج المنظم من طرف جامعة الحسن الثاني كمحاولة لكسر بعض الصور النمطية وإزالة التمييز عن هذه الفئة، عبر تغيير النظرة حولها، وبالتالي التحسيس ورفع الوعي بأهمية تغيير سلوكيات المجتمع تجاهها ووضعها في محيطها الطبيعي حتى تتساوى في الاستفادة من جميع الحقوق والواجبات كسائر الطلبة.
وبهذا الخصوص، أبرزت الدكتورة فاطمة الزهراء علمي، نائبة رئيس جامعة الحسن الثاني، المكلفة بالشؤون الأكاديمية والحياة الجامعية جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن أسبوع الإدماج سجل مجموعة من الأنشطة والورشات المنظمة على صعيد مؤسسات الجامعة، تندرج ضمن المخطط الاستراتيجي لتحويل منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بغاية تكريس دعائم المسؤولية المجتمعية للجامعة، التي تعد ركيزة أساسية لتعليم سوي ودامج.
ومن مخرجات هذا الأسبوع الجامعي التوصل إلى خطة طريق ترتكز على التنظيم السنوي للتظاهرة، تنظيم دورات تكوينية للمرافقين، اقتراح تعميم المبادرة على الصعيد الوطني، تفعيل ميثاق المسؤولية المجتمعية لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء بصفة دورية. وينضاف إلى ذلك، توصيات فعلية تتعلق بإحداث نظام داخلي يخص تدبير الامتحانات بالنسبة للطلبة في وضعية إعاقة، تأسيس ميثاق الطالب، ذكورا وإناثا، المتطوع المرافق للطلبة في وضعية إعاقة أثناء اجتيازهم للامتحانات، مع إجراء جرد شامل للطالبات والطلبة في وضعية إعاقة وتحديد نوعية الإعاقة لمواكبتهم بصفة خاصة ومستمرة، علما أن الطموح يستشرف مأسسة مواكبة هؤلاء الطلبة في كل المؤسسات التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، تضيف نائبة رئيس جامعة الحسن الثاني.
من جهته، أوضح الدكتور داني عادل، مكلف بمهمة حياة الطالب والإدماج برئاسة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن
النسخة الأولى من أسبوع الإدماج تكشف عن تشبث الطالبات والطلبة في وضعية إعاقة بالعمل والتحدي وامتلاكهم للمهارات والقدرات الكافية ليساهموا بدورهم في تنمية بلدهم. ومن الخلاصات الأساسية للتظاهرة العمل على المأسسة العاجلة لإدماج الطالبات والطلبة في وضعية إعاقة، وتأسيس فضاء التحديات والمهارات والقدرات في كل المؤسسات الجامعية. وتبعا لمخرجات التظاهرة، قرر رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بشكل عاجل، تكوين طلبة متطوعين لمرافقة الطالبات والطلبة في وضعية إعاقة أثناء اجتيازهم للامتحانات ووضع نظام داخلي لتنظيم مواكبة هذه الفئة من الطلبة في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.
ووفقا لذلك، يهدف الأسبوع الجامعي للإدماج، الذي تصفه الجامعة بالتظاهرة النوعية والمتميزة، إلى توفير فضاء جامعي دامج وآمن ومحترم للجميع، ومعزز للنماء والتعلمات، تفعيلا لميثاق المسؤولية المجتمعية للجامعة، بخصوص المحور الرابع المتعلق بـ”الولوج، الإدماج والحياة الجامعية”، مع رفع مستوى الوعي لدى الطالبات والطلبة والأطر البيداغوجية والإدارية والتقنية حول أهمية دمج الطلبة في وضعية إعاقة، إلى جانب توعية وتحسيس الطالبات والطلبة بأهمية إدراج دمج الطلبة في وضعية إعاقة.
وتبعا لذلك، تراهن الجامعة على عملية تسهيل إدماج الطالبات والطلبة في وضعية إعاقة لمساعدة هذه الفئة على تجاوزها العراقيل التي تحول دون تفوق بعضها أكاديميا، رغم إرادتها القوية والدعم الأسري الذي تتلقاه ليتمكن ذوو الاحتياجات الخاصة من متابعة دراستهم وحصولهم على شهادات جامعية بنتائج جد مشرفة.
ويأتي ذلك في سياق تعي فيه الجامعة أن رفع المردودية الداخلية، يتطلب انخراط وتضافر جهود جميع مكونات الجامعة وخلق إطار موحد وشامل للاستقبال ومواكبة الطلبة في وضعية خاصة، وفقا لما جاء في تفاصيل تقرير حول التظاهرة، توصلت “الصحراء المغربية” بنسخة منه.
وبالموازاة مع ذلك، تتوخى التظاهرة مواكبة دائمة ومستمرة للطالبات والطلبة في وضعية إعاقة، خلال مجموعة من المحطات داخل الجامعة، ويندرج ضمنها مرحلة التسجيل، متابعة الدروس، والامتحانات، والأنشطة الطلابية، والولوج إلى مختلف المرافق، إلى جانب إجراء تقييم ظروف استقبال ومواكبة الطالبات والطلبة في وضعية إعاقة عبر توفير الولوجيات، وتيسير المساطر الإدارية للاستقبال والمواكبة.
ومن فعاليات التظاهرة، التي ساهمت فيها مكونات الجامعة، لاسيما لجنة الشؤون الثقافية والرياضية والاجتماعية، قسم الشؤون الطلابية وحياة الطالب، تنظيم حلقات نقاش، ندوات، موائد مستديرة، دورات وورشات تكوينية وتثقيفية وتربوية حول أهمية دمج الطالبات والطلبة في وضعية إعاقة بالوسط الجامعي، ومنها أنشطة المحاكاة التي تحمل شعار “عش إعاقتي” في محاولة لتجربة جزء من يوميات شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة. وينضاف إلى هذه الأنشطة، أيضا، تنظيم مسرحيات، رسوم، موسيقى، رياضة، ومسابقات متنوعة محلية أو على مستوى الجامعة، مع إشراك وسائل الإعلام المحلية والجهوية والوطنية للمساهمة في عملية في التحسيس، يضيف التقرير المذكور.
وبهذا الخصوص، انخرط المركب الرياضي الجامعي في الدار البيضاء في فعاليات هذا الأسبوع باحتضانه لتظاهرات رياضية تقرب طلبة الجامعة وأطرها من الوضعية الخاصة لفئة الطلبة في وضعية إعاقة، عبر محاكاة حالات الإعاقة انطلاقا من أنشطة رياضات خاصة بهذه الفئة، أخذا بعين الاعتبار أن ممارسة الرياضة الجامعية تعد وسيلة للانفتاح على الغير ومشاركته وضعياته، إلى جانب دورها كوسيلة لحفظ صحة الطالب الجامعي وتوسيع مداركه.
تناول برنامج اليوم الرياضي الذي نظم بالمركب الرياضي الجامعي لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء تنظيم مباراة في كرة الهدف ومباراة في كرة السلة على كراسي متحركة، تحت إشراف المؤطر الرياضي خالد الكواري، خلالها جرى شرح المغزى من اللقاء وتوعية الطلبة المشاركين بأهميته، ما رفع مستوى الحافزية والاستعداد للمشاركة لدى الطلبة والطالبات المشاركات.
وضمت برمجة التظاهرة ممارسات رياضية إحداها خاصة بالأشخاص فاقدي البصر والأخرى خاصة بالأشخاص الفاقدين للقدرة على المشي، لأجلها جرى تهييئ شروط الوضعيات المراد محاكاتها، ما سمح للجميع بممارسة المحاكاة في جو رياضي ممتع ميزته أعمال التضامن والمشاركة. وشكل حضور الدكتور الحسين أزدوك، رئيس جامعة الحسن الثاني لأشغال هذا النشاط وفتحه لحوارات ودية مع الطلبة والطالبات المشاركين وتعرفه على مستوياتهم واهتماماتهم عن قرب، أحد عوامل إنجاح هذا اللقاء الشيء الذي ترك أثرا طيبا لدى الجميع.
وساهمت تفاصيل هذا النشاط، الذي يجمع بين الجانب التثقيفي، الاجتماعي والإنساني، في الشعور بأهمية أبعاده التي مكنت المشاركين من خوض تجربة فريدة مكنتهم من محاكاة جانب من حياة شخص في وضعية إعاقة وبالتالي الاقتراب من الممارسة الواقعية لحياة هذه الفئة وما تواجهها من صعوبات.
تجدر الإشارة إلى أنه يمكن لبعض الطالبات والطلبة في وضعية إعاقة، الذين لديهم إرادة قوية ودعم فعال من طرف أسرهم من تجاوز الصعوبات لمتابعة دراستهم في ظروف مناسبة، إلا أن مأسسة دمجهم بالوسط الجامعي تبقى مسؤولية مؤسساتية وكل المؤسسات ملزمة بذلك في إطار Pacte ESRI 2030، ومنها توفير الولوجيات لمختلف المرافق بنسبة 100 في المائة في أفق 2026، علما أنه تتوفر بعض التجارب الواعدة لاستقبال ومواكبة الطالبات والطلبة في وضعية إعاقة ببعض المؤسسات الجامعية.
