Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

أسود الأطلس.. آخر حماة شمال إفريقيا في كأس العرب

النهار المغربية – عبد اللطيف بركة

في مساء الجمعة 12 دجنبر، غادر المنتخب الجزائري منافسات كأس العرب بعد مباراة مرهقة انتهت بضربات الترجيح، لتُطوى صفحة ممثل آخر من شمال أفريقيا في هذه البطولة. وبذلك، يجد المنتخب المغربي نفسه الوحيد بين منتخبات عرب الشمال الذي لا يزال واقفاً في ساحة التحدّي، ينافس بثبات وسط ثلاثة منتخبات من عرب آسيا على بطاقة النهائي، مؤكداً مرة أخرى أن حضوره القاري والعربي لم يعد وليد صدفة، بل ثمرة مشروع كروي متكامل.

صعود “أسود الأطلس” إلى المربع الذهبي ليس مجرد إنجاز رياضي عابر، بل هو امتداد لمسار إصلاحي بدأت معالمه تتضح منذ الرسالة السامية للملك محمد السادس في المناظرة الوطنية للإقلاع الرياضي؛ تلك الرسالة التي تحوّلت إلى خارطة طريق أعادت رسم ملامح الرياضة المغربية، وجعلت من الاستثمار في تكوين الأجيال خياراً استراتيجياً لا رجعة فيه.

ومن رحم تلك التوجيهات، ولدت أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي صارت اليوم من أكبر مشاتل المواهب في أفريقيا والعالم العربي. إن ما تنتجه هذه المؤسسة من لاعبين موهوبين يشبه حصاد شجرة رُويت بالعلم والانضباط والرؤية البعيدة، لتصبح اليوم الذراع الأقوى في تجديد دماء المنتخبات الوطنية.

ولا يمكن الحديث عن هذا الإقلاع دون التوقف عند الدور الحاسم لفوزي لقجع، الذي استطاع أن يمنح الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم نفساً جديداً. بخطوات جريئة وقرارات مدروسة، بنى الرجل منظومة حديثة ترتكز على التنظيم، الاستثمار، البنيات التحتية، والتخطيط طويل الأمد، لتتحوّل كرة القدم المغربية من أحلام مؤجلة إلى واقع يتحدث عنه العالم.

وها هو المنتخب المغربي يقف اليوم شامخاً في نصف نهائي كأس العرب، يرفع راية العرب الشماليين وحده بين الكبار، ويجدد للعالم قصة الأسود الذين لا يملّون من كتابة الفصول الجميلة لكرة القدم المغربية.

إنه تأكيد آخر أن النجاح ليس وليد مباراة، بل نتاج رؤية… مشروع… وشغف شعب لا يتوقف عن الحلم.

Exit mobile version