Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

بركان.. رفع توصيات لتمديد الرعاية الاجتماعية للأطفال إلى سن 21

النهار المغربية – أحمد المساعد

​في خطوة تؤكد الالتزام الوطني والمجتمعي تجاه الفئات الأكثر هشاشة، عُقد مساء أمس الأربعاء 10 دجنبر الجاري بمركز الطفل في وضعية صعبة ببركان اجتماع تشاوري، الذي نظمته جمعية AIDE برئاسة هدى بوراراش، جمع نخبة من الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين على المستوى المحلي والإقليمي والوطني، من أجل تدارس وصياغة مسودة توصيات استراتيجية تهدف إلى تمديد فترة الرعاية الاجتماعية والقانونية للأطفال في وضعية صعبة إلى سن 21 عاماً.

​شهد الحضور مشاركة ممثلي السلطة القضائية، يتقدمهم نائب وكيل جلالة الملك بالمحكمة الابتدائية ببركان، والنائب البرلماني حكيم بن عبد الله، إلى جانب مجموعة من المحامين، والدكتور محمد يوسف المنتدب القضائي بقسم قضاء الأسرة ببركان، والعمراني عن الجمعية الخيرية الإسلامية، ونخبة من الجمعويين وأعضاء جمعية AIDE.

​عقب قراءة ومناقشة التوصيات المقترحة، أبدى الجميع إشادتهم الكبيرة بجهود الجمعية المسيرة للمركز، مؤكدين على الضرورة الأخلاقية والقانونية لمد يد العون لهذه الشريحة التي تجد نفسها أمام قساوة الحياة دون أي سند أسري عند بلوغها سن الرشد. وقد تم التعهد بتظافر الجهود بين جميع المتدخلين لإخراج هذا المشروع التنموي إلى حيز الوجود، انطلاقاً من مبدأ التعاون المؤسساتي.

حزمة التوصيات: ضمان مسار إدماج آمن ومستدام

​يمثل بلوغ سن الثامنة عشرة نقطة تحول حرجة في حياة شباب الرعاية، حيث ينتهي الدعم المؤسسي فجأة، مما يعرضهم لخطر التشرد والاستغلال والآفات الاجتماعية. ولتجاوز هذه الفجوة، تم اقتراح حزمة متكاملة من التوصيات تجمع بين الأبعاد القانونية، الاجتماعية، والاقتصادية:

​ أولا: البعد التشريعي والقانوني (تأمين الحماية)

​تتركز الأولوية على تعديل الإطار القانوني لضمان استمرار الحماية. يُقترح تعديل قانون الطفل وقانون مؤسسات الرعاية لإضافة مادة صريحة تنص على “الاستمرار في الرعاية إلى غاية سن 21 لكل الفتيات والفتيان الذين لا يتوفرون على أسرة مسؤولة”. هذه الخطوة تتطلب كذلك إلزام المؤسسات بوضع “خطة إدماج مكتوبة” تشمل السكن الانتقالي والتكوين والمتابعة النفسية قبل إخراج أي نزيل، مع منع الخروج التلقائي فور بلوغ سن الرشد.

​من الأهمية بمكان إحداث صفة رسمية تحت مسمى “شباب بدون دعم أسري”؛ كفئة محمية تستفيد من برامج الدولة الخاصة. وفي سياق حماية الإناث، يُقترح استمرار الرعاية للفتاة إلى حين ثبوت زواجها أو حصولها على عمل يضمن استقلال ذمتها المالية، انسجاماً مع الفلسفة التشريعية للأسرة في القانون المغربي.

​ ثانيا: البعد الاجتماعي والتنموي (بناء جسر نحو الاستقلال)

​لضمان انتقال سلس، يجب بناء منظومة داعمة. أبرز التوصيات في هذا الإطار هي إحداث مراكز “السكن الانتقالي للشباب 18–21” لتعمل كجسر بين مرحلة الرعاية والاستقلال التام.

​على الصعيد المالي، يُقترح توفير منحة شهرية رمزية (“منحة الاستقلال”) لدعم الشباب خلال فترة التكوين والبحث عن العمل. كما يجب رفع عدد الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين داخل المراكز واعتماد مقاربة الصحة النفسية كأولوية، وتنظيم مواكبة شخصية لكل شاب/شابة عبر مرشد مختص يرافقه إلى غاية الإدماج التام.

​ ثالثا: البعد الاقتصادي والتشغيلي (توفير فرص الاندماج)

​يعتبر الإدماج المهني هو الضمانة الحقيقية للاستقلال. يتطلب هذا إطلاق برنامج وطني للتشغيل لفائدة شباب الرعاية بشراكة مع القطاع الخاص، يتضمن فرص عمل مدعّمة وتقديم إعفاءات ضريبية للشركات التي توظفهم.

​لتحقيق العدالة الاجتماعية، يجب اعتماد نظام “الكوطا” (الحصة) في التوظيف العمومي وشبه العمومي لهذه الفئة، على غرار ذوي الاحتياجات الخاصة وأبناء المقاومين، لضمان ولوجهم المنصف لسوق الشغل. كما يُقترح تيسير الولوج إلى السكن الخاص عبر ضمانة حكومية للكراء لرفع الحواجز الاجتماعية والاقتصادية.

​ رابعاً: البعد التربوي والنفسي (بناء القدرات الذاتية)

​تستدعي الخلفيات الصعبة التي مر بها هؤلاء الشباب تركيزاً خاصاً على الجانب النفسي والمهاري. يجب إدراج برامج تكوين متقدمة في مهارات الحياة داخل المراكز، تشمل التدبير المالي، التواصل الفعال، وحل المشكلات. كما تعد المواكبة النفسية الفردية والجماعية ضرورية لمعالجة الصدمات وتقوية الثقة بالنفس والقدرات الذاتية قبل سنة من مغادرة المركز.

​إن هذه التوصيات لا تمثل مجرد إجراءات إدارية حسب الجمعية الساهرة على مركز الرعاية ببركان، بل هي التزام قيمي وأخلاقي يهدف إلى حماية كرامة المواطن.

​كما تأمل أن يتم رفع هذه التوصيات إلى الجهات المسؤولة لتبنيها وتنزيلها، لضمان حياة كريمة واستقلال آمن لخريجي مؤسسات الرعاية.

Exit mobile version