النهار المغربية
تعقد ساكنة جهة سوس ماسة آمالاً كبيرة على المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بأكادير لإحداث تحول جذري في المنظومة الصحية، وتعزيز مرتكزات ورش تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة. ويجسد إطلاق هذا المركز خطوة استراتيجية حاسمة تنقل هذا الطموح من مستوى التصور إلى واقع عملي.
ووفق عرض مفصل لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية حول البنيات التحتية للمركز، فإن هذا الصرح الطبي المصنف ضمن مستشفيات الجيل الثالث يشكل بداية مرحلة جديدة من المؤسسات الصحية المتقدمة في المملكة. كما يمثل إضافة نوعية إلى الخريطة الصحية الوطنية، وترجمة واضحة للإرادة الملكية الهادفة إلى الارتقاء بجودة الخدمات وتأهيل القطاع لرفع تحديات الحاضر والمستقبل.
وبحسب الوزارة، جرى تصميم المركز وفق أحدث المعايير العالمية في الهندسة الاستشفائية، بما يجمع بين النجاعة العلاجية والفعالية الطاقية وحسن تدبير الفضاءات، لضمان رعاية صحية عالية الجودة لجميع المواطنات والمواطنين.
مدينة طبية متكاملة
لا يقتصر دور المركز على توفير خدمات علاجية متقدمة، بل يمثل مؤسسة جامعية بأبعاد استراتيجية مزدوجة. فعلى المستوى العلاجي، سيقدم خدمات شاملة تغطي مختلف التخصصات الطبية والجراحية الدقيقة، مدعومة بآخر التطورات التكنولوجية والمنصات التقنية الحديثة في مجالي التشخيص والعلاج، مما يجعله مرجعاً في التكوين والبحث والرعاية الصحية المتقدمة.
وعلى المستوى الأكاديمي، تؤكد الوزارة أن المركز سيشكل قطباً محورياً للتكوين الطبي والصيدلاني، وتدريب مهنيي الصحة، ودعم البحث العلمي والابتكار، بتعاون وثيق مع كلية الطب والصيدلة بأكادير، بهدف إعداد جيل جديد من الكفاءات الوطنية وتعزيز البحث العلمي في القضايا الصحية ذات الأولوية، بما يضمن استدامة المنظومة الصحية وتطورها.
وشددت الوزارة على أن إنشاء أول مركز استشفائي جامعي في جنوب المملكة يعد محطة أساسية لترسيخ التنمية المجالية والصحية، إذ سيساهم في تعزيز الخدمات المتخصصة لفائدة ساكنة سوس ماسة والجهات الجنوبية، ورفع مستوى العرض الصحي في الجنوب، مع تخفيف الضغط عن المراكز الجامعية بالدار البيضاء ومراكش والرباط.
وبذلك، يشكل المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بأكادير إحدى الدعائم الأساسية لتنزيل النموذج التنموي الجديد، وركيزة للارتقاء بالأقاليم الجنوبية، وقطب امتياز علمي على المستوى الوطني، يجسد الرؤية الملكية الرامية إلى تكريس العدالة والكرامة وجودة الحياة.
بنية تحتية متقدمة
ووفق عرض الوزارة، يمثل المركز نقلة نوعية في تصور البنية التحتية الصحية الحديثة، إذ يمتد على مساحة 30 هكتاراً، وبمساحة مبنية تصل إلى 130 ألف متر مربع. وقد صُمم هذا الفضاء على شكل “مدينة طبية متكاملة” تراعي قابلية التوسع والالتزامات البيئية، وتضم مرافق استشفائية وإدارية ولوجستية بمعايير عالمية تضمن جودة الاستقبال والرعاية.
ويتألف المركز من قطبين رئيسيين: مستشفى التخصصات بطاقة استيعابية تصل إلى 867 سريراً موزعة على 45 مصلحة، ومستشفى الأم والطفل بطاقة 245 سريراً موزعة على 11 مصلحة. كما يتوفر على منظومة مستعجلات متكاملة بطاقة استيعابية عالية، مع وحدات للإنعاش مخصصة للحالات الحرجة.
الرأسمال البشري
وتؤكد الوزارة أن القيمة الفعلية للمركز تكمن في رأسماله البشري عالي الكفاءة، حيث تمت تعبئة فريق طبي وأكاديمي وتمريضي وتقني وإداري يضم 1266 مهنياً في الصحة، يعملون وفق أعلى معايير الجودة. ويضم الطاقم الأكاديمي 115 أستاذاً جامعياً، إلى جانب 388 طبيباً مقيماً و86 طبيباً داخلياً، إضافة إلى طاقم تمريضي وتقني يضم 760 مهنياً، فضلاً عن طاقم متخصص في الصيدلة والمختبرات.
قطب الجراحة الذكية
ويعد المركز، وفق الوزارة، رائداً على المستوى الإفريقي بدمجه الروبوت الجراحي REVO I، الذي يسمح بإجراء عمليات دقيقة بأقل تدخل ممكن وبجودة عالية ورؤية ثلاثية الأبعاد، مما يمنح الجراح دقة ومرونة كبيرتين. ويضم المركز 19 قاعة عمليات، من بينها مركب للطوارئ وقاعة متخصصة للحروق الكبرى، مجهزة بأحدث التقنيات وأنظمة التتبع الرقمي.
كما يضم أقطاباً متخصصة في أمراض القلب والإنعاش والرعاية الحرجة والحروق الكبرى والطب عالي الضغط، إضافة إلى منصات للتصوير الطبي، وقطب التعقيم المركزي، والصيدلة الآلية، ووحدات لإعادة التأهيل والترشيح الفائق للدم.