النهار المغربية- ع.محياوي
في سياق اقتصادي واجتماعي دقيق يفرض على الفاعلين العموميين التحلي بأقصى درجات المسؤولية وترشيد الإنفاق، أثار قرار رئيستين لجماعتي تيكريكرة وتيزكيت بإقليم إفران جدلاً واسعاً بعد إقدامهما على كراء سيارات فاخرة لا تحمل الحرف “ج” المخصص للمركبات التابعة للجماعات الترابية.
ورغم أن الخطوة لا تشكل خرقاً قانونياً مباشراً، إلا أنها تطرح إشكالات أخلاقية وسياسية عميقة، بالنظر إلى محدودية الإمكانيات المالية للجماعتين وحجم الخصاص في البنيات التحتية والخدمات الأساسية التي ما زالت تنتظر حلولاً ملموسة.
ويرى متتبعون أن رمزية الفاعل العمومي تتجلى في سلوكه اليومي واختياراته التي تعكس روح المرفق العام وقيم النجاعة والواقعية، لا في المظاهر أو الوجاهة. فالثقة في المؤسسات المحلية، بحسب هؤلاء، تُبنى عبر احترام مبدأ القدوة وتغليب المصلحة العامة على الاعتبارات الشخصية.
وتزداد المفارقة وضوحاً عندما نعلم أن عدداً من كبار المسؤولين على مستوى العمالات والجهات يعتمدون سيارات اقتصادية مخصصة للمهام الرسمية، في حين اختارت رئيستا جماعتين محدودتي الموارد مركبات فاخرة بتكلفة مرتفعة، ما يثير تساؤلات حول أولويات التدبير المحلي وحس المسؤولية المالية.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ تفيد المعطيات أن عملية الكراء تمت من وكالات خارج الإقليم، وهو ما اعتبره البعض محاولة لتفادي الكشف عن تفاصيل العقود وقيمتها، في ظل استمرار صعوبة الولوج إلى المعلومة داخل جماعات الإقليم رغم صدور قانون الحق في الحصول على المعلومات.
وتفيد معطيات حصرية لـ”النهار المغربية” أن فترة كراء هذه السيارات لم يتبقَّ على انتهائها سوى شهرين فقط، ومع مطلع السنة الجديدة يُنتظر أن تعرف الميزانية الجماعية تعديلات في بنودها، خاصة تلك المتعلقة بتحديد نوع الآليات المسموح باكترائها مستقبلاً، في خطوة يُتوقع أن تأتي استجابةً للنقاش الدائر حول ترشيد النفقات وتعزيز الشفافية في تدبير المال العام.
ويخلص عدد من المراقبين إلى أن مثل هذه القرارات، حتى وإن كانت قانونية من الناحية الشكلية، فإنها تُبرز الحاجة إلى ترسيخ ثقافة الحكامة الجيدة وترشيد النفقات العمومية، خاصة في صفوف الجيل الجديد من المنتخبين الذين يُفترض فيهم تجسيد نموذج جديد من القيادة المحلية، يقوم على القرب من المواطن ونظافة اليد ورمز القدوة.

