أصدرت المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء أول حكم من نوعه في تاريخ القضاء المغربي، بعد أن قررت استبدال عقوبة سالبة للحرية بعقوبة بديلة، في خطوة تعكس التوجه الجديد نحو عدالة أكثر إنسانية ومرونة.
ويتعلق الحكم بمتهم من مشجعي أحد الأندية الرياضية بالعاصمة الاقتصادية، كان متابعًا من أجل المشاركة في أعمال عنف أعقبت مباراة رياضية، وإلحاق أضرار بممتلكات الغير، وإهانة موظفين عموميين. وبعد فترة من الاعتقال الاحتياطي، قضت الهيئة القضائية في حقه بأربعة أشهر حبسًا نافذًا مع استبدالها بالعمل لفائدة المصلحة العامة لمدة 360 ساعة.
وأكد منطوق الحكم على ضرورة التزام المتهم بتنفيذ ساعات العمل المحددة، مع التنبيه إلى أن أي إخلال بهذا الالتزام سيؤدي إلى إلغاء العقوبة البديلة وتنفيذ العقوبة الأصلية السالبة للحرية.
ويأتي هذا القرار استنادًا إلى مرافعة وملتمسات هيئة الدفاع التي قادها الأستاذ خالد فكرني، حيث دعت إلى تفعيل المقتضيات القانونية الجديدة التي تتيح اعتماد العقوبات البديلة في بعض الحالات، مراعاةً للظروف الاجتماعية والإنسانية للمتهمين.
ويُعد هذا الحكم سابقة قضائية على مستوى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، ويمثل انطلاقة عملية لتفعيل نظام العقوبات البديلة المنصوص عليه في مشروع القانون الجنائي المغربي، الذي يروم تقليص العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، عبر آليات مثل العمل للمنفعة العامة، والغرامات اليومية، والمراقبة الإلكترونية.
وتشكل هذه الخطوة تحولًا نوعيًا في السياسة الجنائية المغربية، يهدف إلى التقليص من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، وتعزيز الإدماج الاجتماعي للمخالفين، بما يحقق الردع في إطار من العدالة الإصلاحية والإنسانية.
