النهار المغربية – عبد اللطيف بركة
تستعد الحكومة لطرح النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بإصلاح منظومة التقاعد على أنظار البرلمان مع بداية شهر ماي 2026، في خطوة تعدّ تتويجاً لمسار طويل من التشاور والحوار بين مختلف الأطراف المعنية.
– نحو نظام مزدوج يجمع بين القطاعين العام والخاص
الوثيقة التي عُرضت خلال جلسة مشتركة بين مجلسي البرلمان أوضحت أن اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح نظام التقاعد استأنفت أشغالها بعد جلسات الحوار الاجتماعي التي عُقدت في أبريل الماضي، والتي جمعت ممثلين عن الحكومة والنقابات والقطاع الخاص.
الغاية من هذا المسار هي التوصل إلى صيغة توافقية توازن بين ضمان استدامة الصناديق وحماية الحقوق المكتسبة للمنخرطين الحاليين.
ومن أبرز ملامح الإصلاح المرتقب، التوجه نحو إنشاء نظام تقاعد مزدوج يقوم على قطبين: عام وخاص، يتم تصميم بنيته ومعاييره عبر مقاربة تشاركية تضمن العدالة والإنصاف بين مختلف الفئات. كما تم التأكيد على الحفاظ الكامل على الحقوق المكتسبة قبل دخول الإصلاح حيز التنفيذ.
– مقاربة تشاركية ومعايير للإنصاف والاستدامة
مشروع القانون المرتقب يشدد على ضرورة اعتماد مقاربة “تشاركية معمقة” تشمل كل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، بهدف وضع سيناريو نهائي يحقق التوازن بين الاستمرارية المالية للأنظمة وعدالة توزيع الموارد.
ويؤكد المشروع أيضاً على أهمية مواءمة الإصلاح مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، لضمان عدم المساس بحقوق العاملين والمتقاعدين الحاليين.
– لجنة تقنية لتدقيق السيناريوهات
من جانب آخر، أشار مشروع قانون المالية لسنة 2026 إلى أن لجنة تقنية تابعة للجنة الوطنية شرعت في دراسة الجوانب التقنية والمالية لسيناريو الإصلاح المقترح من طرف الحكومة، مع تحليل الملاحظات الواردة من مختلف الشركاء قبل الوصول إلى صيغة نهائية.
ومن المنتظر أن تقدم اللجنة نتائج عملها قبل أبريل 2026، ليتم بعد ذلك اعتماد الخطوط العريضة للإصلاح وإعداد النصوص القانونية والتنظيمية اللازمة لعرضها على البرلمان في ماي من العام نفسه.
– أرقام تكشف حجم التحدي
تقرير الموارد البشرية المرفق بمشروع قانون المالية كشف أن ما يقارب 68 ألفاً و418 موظفاً حكومياً سيحالون على التقاعد خلال الفترة الممتدة بين 2025 و2029، أي ما يعادل 13.4% من مجموع موظفي القطاع العام.
وفي قطاعي التعليم والتربية الوطنية، وحدهما، سيبلغ عدد المحالين على التقاعد حوالي 31 ألف موظف، ما يمثل نسباً مهمة من القوى العاملة في المجالين.
كما ستتأثر قطاعات أخرى حيوية مثل الداخلية والصحة والحماية الاجتماعية والعدل والاقتصاد والمالية، حيث ستعرف هذه الوزارات خروج آلاف الموظفين إلى التقاعد خلال السنوات الخمس المقبلة.
– إصلاح منتظر بإجماع حذر
رغم تعقيد الملف، تُجمع مختلف الأطراف على أن إصلاح نظام التقاعد أصبح ضرورة ملحة لضمان ديمومة الصناديق وحماية الأجيال القادمة.
غير أن التحدي الأكبر، وفق متابعين، يكمن في تحقيق التوازن بين متطلبات الاستدامة المالية وضمان العدالة الاجتماعية، خاصة في ظل أوضاع اقتصادية دقيقة.
