
موهوزي كاينيروغابا .. جنرال أوغندي مثير للجدل يقود المعارك عبر “إكس”
يستقطب الجنرال موهوزي كاينيروغابا، نجل الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني والقائد الحالي للقوات المسلحة في البلاد، اهتمامًا متزايدًا في الداخل والخارج، بفضل مزيج من الخطاب المثير للجدل والسلوك السياسي غير التقليدي، في وقت تشير مؤشرات متقاطعة إلى احتمال خلافته والده على رأس السلطة في أوغندا.
وأفاد تقرير لـ”وول ستريت جورنال” الأمريكية بأن كاينيروغابا، المعروف على نطاق واسع باسمه الأول “موهوزي”، لا يتردد في الإدلاء بتصريحات لاذعة عبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي، تتراوح بين السخرية والتحدي، كأن يشبه نفسه بالمهاتما غاندي “لكن بدون سلميته”، أو يقترح على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استضافته باعتباره “رجلاً أسود أكثر وسامة وكاريزما وطولاً منه”، وصولاً إلى تحدي المغني الشهير جاي زي في نزال يتنافس فيه الاثنان للفوز بزوجته بيونسيه.
إلا أن أكثر التصريحات إثارة للجدل تعلقت بتعذيب الحارس الشخصي للمعارض البارز بوبي واين، إيدي سيبوفو، الذي كشف شهود مقربون أنه تعرض للتعذيب في قبو منزل، شمل الضرب، والصعق الكهربائي، والإذلال، تحت إشراف مباشر من قوات خاصة يقودها موهوزي، الذي أعلن من جهته مسؤوليته الكاملة عن الواقعة، واصفًا ما جرى بأنه “مجرد مقبلات”.
وتأتي هذه التصرفات في سياق سياسي حساس، حيث يستعد الرئيس موسيفيني، الذي يبلغ من العمر نحو 80 عامًا ويتولى الحكم منذ 1986، لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما يبدو نجله موهوزي في موقع مركزي داخل أجهزة الدولة، ولاسيما بعد ترقيته إلى منصب القائد العام للجيش، رغم تجريده سابقًا من القيادة عقب تغريدات عدائية هدد فيها باجتياح العاصمة الكينية نيروبي.
هذه التصرفات التي توصف بالمتقلبة تثير مخاوف داخل الأوساط الدبلوماسية الغربية والمجتمع المدني الأوغندي، خشية أن يؤدي صعود موهوزي إلى تقويض ما تبقى من التوازن السياسي والمؤسساتي في البلاد، رغم أن أوغندا تعد شريكًا عسكريًا محوريًا للولايات المتحدة في شرق إفريقيا، وشاركت بقواتها في عمليات ضد جماعات مسلحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال.
من جانبه يرفض موهوزي إجراء أي مقابلات صحافية، ويعتمد على موقع “إكس” (تويتر سابقًا) في التعبير عن مواقفه، التي تتراوح بين التهديد المباشر لخصومه، والسخرية من السياسيين، والترويج لصورته كقائد مستقبلي قادر على فرض النظام بقوة؛ وفي إحدى تغريداته هدد باعتقال كل من “يسعل بطريقة خاطئة”، كما أبدى شماتة صريحة في معارض مضرب عن الطعام، داعيًا إياه إلى “الإسراع في الجوع”.
وفي حين يمنع القانون الأوغندي العسكريين من الانخراط في العمل السياسي يتزعم موهوزي تشكيلًا مدنيًا باسم “رابطة الوطنيين الأوغنديين”، يُعتقد أنه يشكل القاعدة السياسية المحتملة لحملته الرئاسية المستقبلية، دون أن يعلن ذلك صراحة؛ ويبدو واضحًا أن والده، رغم بعض الانتقادات العلنية لسلوك نجله، لا يعارض بشكل فعلي طموحاته، بل يوظفها ربما كجزء من هندسة سياسية تهدف إلى توريث السلطة ضمن دائرة العائلة.
ويحظى موهوزي، الذي تلقى تكوينًا عسكريًا في مؤسسات مرموقة داخل أوغندا وخارجها، بما في ذلك أكاديمية ساندهيرست الملكية في بريطانيا وكلية القيادة والأركان في الولايات المتحدة، بدعم من بعض النخب السياسية والاقتصادية المحلية، ويستفيد من موقعه الأمني القوي في إدارة ملفات إستراتيجية كبرى، وسط اتهامات باستعمال النفوذ العسكري في تصفية الحسابات السياسية، خصوصًا مع المعارض البارز بوبي واين، الذي نال دعمًا جماهيريًا واسعًا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
واين، الذي سبق أن تعرض للاعتقال والتعذيب بحسب ما صرح به، يصف موهوزي بأنه “ابن مدلل لديكاتور نشأ في حضن السلطة المطلقة وشاهدها تُستعمل بدون محاسبة”، مضيفًا أن “ما يفعله اليوم ليس إلا امتدادًا لما تربّى عليه”.
وتعرضت شخصيات محسوبة على المعارضة لملاحقات وتنكيل من طرف أجهزة الأمن، كان أبرزها عملية اختطاف سيبوفو من الأراضي الكينية، وتعذيبه لعدة أيام قبل تقديمه للمحكمة بتهم جنائية وُصفت بأنها “ملفّقة”، مثل سرقة هاتف ومعطف.
ورغم انتقادات المنظمات الحقوقية، وعلى رأسها لجنة حقوق الإنسان الأوغندية، رفض موهوزي التجاوب مع أي استفسارات رسمية، وهدد الهيئة برسائل قاسية تضمنت عبارات مثل “لا ترسلوا إلي مثل هذه الرسائل الغبية مرة أخرى!”.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية يتزايد الحديث عن “الخلافة المحتملة” داخل أوساط الحكم، في ظل غياب أي انتقال مؤسساتي واضح، وسيطرة شبه مطلقة للأسرة الرئاسية على مفاصل الدولة. وبينما يؤكد مقربون من موهوزي أنه “لن يترشح ضد والده ولن يقود انقلابًا” فإنهم لا يخفون أمله في الوصول إلى الرئاسة، ولو على إيقاع الجدل والتصعيد.
في السياق ذاته يرى مراقبون أن الرئيس موسيفيني قد يجد في هذا المسار مخرجًا آمنًا لتقاعده، ما دامت السلطة ستظل في يد من يعتبره “امتدادًا مضمونًا للعائلة والسياسة”، ولو كان ذلك على حساب الاستقرار السياسي والمشهد الديمقراطي في أوغندا.