الحكومة اللبنانية تعتمد “خطة سرية” لنزع سلاح ميليشيات “حزب الله”

رحّب مجلس الوزراء اللبناني، خلال جلسة عقدها اليوم الجمعة في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون، بالخطة التي قدّمها الجيش اللبناني لحصر السلاح بيد الدولة، لكنه قرّر الإبقاء على مضمونها سرّياً. ووفق ما أعلنه وزير الإعلام بول مرقص عقب الجلسة، فإن قائد الجيش سيقدّم تقريراً شهرياً إلى مجلس الوزراء حول مدى التقدّم في تنفيذ الخطة.

الجلسة التي انعقدت بعد ظهر اليوم، وحضرها رئيس الحكومة نواف سلام، شهدت انسحاب الوزراء الشيعة الخمسة فور دخول قائد الجيش رودولف هيكل إلى القاعة لعرض الخطة، وهم وزراء محسوبون على حزب الله وحركة أمل، ما يعكس استمرار رفض هذا الفريق السياسي لأي خطوات تستهدف سلاح الحزب. وكان الوزراء أنفسهم قد انسحبوا في غشت الماضي من جلسة سابقة خُصّصت لمناقشة الموضوع ذاته.

إعلان الحكومة اللبنانية تعتمد "خطة سرية" لنزع سلاح ميليشيات "حزب الله"

بحسب مصادر وزارية، فإن الحكومة كانت كلّفت الجيش اللبناني مطلع الشهر الماضي بإعداد خطة عملية لتجريد حزب الله من سلاحه، على أن تُنفّذ بحلول نهاية العام. إلا أن تسريبات إعلامية أشارت إلى أن تنفيذ الخطة قد يمتد على فترة خمسة عشر شهراً.

وتأتي هذه المبادرة في سياق ضغوط أميركية متزايدة، ووسط مخاوف محلية من تهديدات إسرائيلية بشنّ حملة عسكرية جديدة، بعد مواجهة استمرّت عاماً كاملاً بين حزب الله وإسرائيل وانتهت في نوفمبر الماضي باتفاق وقف إطلاق نار رعته الولايات المتحدة.

وفيما تُصرّ الحكومة على التزامها الكامل بتطبيق القرار الأممي 1701، الذي ينصّ على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ووقف الأعمال الحربية مع إسرائيل، يرفض حزب الله هذه الخطوة، معتبراً أنها تمسّ “بسلاح المقاومة”. ودعت الكتلة البرلمانية للحزب السلطات اللبنانية إلى “التراجع عن قرارها غير الميثاقي وغير الوطني”، في إشارة إلى ما تعتبره خرقاً للتوازنات السياسية والطائفية.

وفي الشارع، تعكس المواقف الشعبية التي نقلتها وكالة “فرانس بريس” انقساماً حاداً حيال المسألة. ففي منطقة الحمرا، قال أحد المواطنين إن “نزع السلاح يجب أن يتم بالتفاهم”، معتبراً أن “دور الحزب انتهى”، بينما رأى آخر أن “السلاح لن يُسحب” وأن الأولوية هي “لإصلاح الدولة قبل أي إجراء من هذا النوع”.

الاتفاق الذي أنهى الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل ينصّ على انسحاب إسرائيل من المواقع التي تقدّمت إليها خلال النزاع، غير أن تل أبيب ما زالت تحتفظ بخمسة مواقع جنوب لبنان، وتواصل تنفيذ غارات جوية متكرّرة، تقول إنها تستهدف مواقع تابعة للحزب. وقد تسبّبت هذه الغارات، خلال اليومين الماضيين، بمقتل خمسة أشخاص، وفق ما أفادت مصادر أمنية.

ويرى مراقبون أن إقرار الحكومة للخطة قد يشكّل محطة مفصلية في العلاقة مع حزب الله. وقال ديفيد وود، الباحث في مجموعة الأزمات الدولية، إن “إسرائيل تحاول إيصال رسالة مفادها أن التنفيذ الفعلي هو ما يهمّ، لا الأقوال”، مشيراً إلى أن الحزب قد يلجأ إلى التصعيد السياسي، وربما إلى الشارع، في حال المضي بتنفيذ الخطة.

وقد ازدادت في الأيام الأخيرة صور ولافتات في شوارع بيروت تجمع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، تحت شعار “كلنا معكم: جيش واحد، سلاح واحد، دولة واحدة”، ما يعكس محاولة رسم مشهد سياسي جديد يرتكز على احتكار الدولة وحدها لقراري الحرب والسلم. رئيس الحكومة نواف سلام كان أكد في وقت سابق أن هذا المسار “انطلق ولا عودة إلى الوراء فيه”، رغم الاتهامات التي توجّه للحكومة بتنفيذ إملاءات خارجية.

زر الذهاب إلى الأعلى