
“اقتصاديو الاستقلال” يبسطون مقترحات بشأن مشروع قانون المالية لـ2026
بينما كان تركيز الرأي العام المغربي منصبًّا على دراسة ما تضمنته مذكرات الأحزاب السياسية المرفوعة إلى وزارة الداخلية بشأن المنظومة القانونية الخاصة بالانتخابات المقبلة، كشفت “رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين” عن مقترحاتها وتوصياتها بشأن مشروع قانون المالية لسنة 2026؛ وهو ما حصد “تحفّظات” داخل باقي أحزاب الأغلبية الحكومية.
واقترحت الرابطة ثماني مجموعات من التدابير تروم الوصول إلى “ميزانية طموحة ومسؤولة اجتماعيا”، بغرض دعم وتسريع مسار الإقلاع الجاري بالمغرب، حيث شددت على “إعطاء الأولوية لتعزيز الدولة الاجتماعية وتحفيز الاستثمار الخاص، وتقوية السيادة الصحية والغذائية والمالية… ودعم القدرة الشرائية للأسر المتضررة من تضخّم غالبا ما يكون مستوردا أو ناتجا عن مضاربات داخلية”.
وطالبت الرابطة بـ”مكافحة المضاربة التي يقوم بها الوسطاء لتخفيض أسعار اللحوم وإعادة تشكيل القطيع، خصوصا البقر، وكذا ضمان تزويد الأسواق باللحوم ومنتجات الحليب”. كما دعت الحكومة إلى دعم الأسر في تمدرس أبنائها عبر منحها تخفيضات ضريبية في الدراسة أو التكوين، وكذا تشجيع آليات الادخار لدعم الطبقات الوسطى.
ومن بين ما جرى اقتراحه أيضا في هذا الجانب “تقليص الفوارق في البنيات التحتية والخدمات، وبناء داخليات للتلاميذ في الإعدادي والثانوي، وتوفير النقل المدرسي العصري لفائدة أطفال العالم القروي، مع الاستمرار في سياسة الدعم الأسري المشروط بتمدرس هذه الفئة”.
وأكدت مقترحات وتوصيات “رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين” كذلك على “تحرير الطاقات الإنتاجية ورفع العوائق التنظيمية، وتسريع تفعيل الرافعات الأساسية؛ مثل ميثاق الاستثمار الذي ينبغي أن يصبح عمليا بالكامل، بما في ذلك استفادة المقاولات الصغرى والمتوسطة، مع صرف الدعم المقرر في هذا الجانب”.
وبخصوص ملف التشغيل، أوصى المصدر ذاته بـ”مواصلة وتعزيز التدابير الهادفة إلى خلق فرص عمل وفيرة وجيدة، بعدما لم تحقق آليات دعم التشغيل، مثل برامج “إدماج” و”تحفيز” و”تأهيل”، الأثرَ المنشود، فضلا عن تشجيع التشغيل المهيكل من خلال تطبيق نسبة مخفضة بحوالي خمسين في المائة على الانخراطات الجديدة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خلال الأشهر الـ36 الأولى التي تلي التصريح”.
وتهم إحدى التوصيات “إطلاق برامج لإنشاء فرص عمل واسعة، مثل برنامج التشجير في جميع الجماعات، بما في ذلك الأراضي الخاصة، وإطلاق حزام أخضر حول المدن الكبرى للحد من التلوث، مع إطلاق برنامج واسع لجمع ومكافحة التلوث البلاستيكي في اليابسة والمحيطات، تدعمه حملة توعية مجتمعية”.
ولم يكن الكشف عن هذه المقترحات من قبل رابطة محسوبة على حزب الاستقلال ليمر مرور الكرام، إذ حصدت المبادرة تحفظاتٍ داخل حزبي “الأصالة والمعاصرة” و”التجمع الوطني للأحرار”، لا سيما فيما يخص “الغايات المتوخّاة منها، ومدى صوابية طرحها في هذا التوقيت بالذات”.
مصدر من داخل “البام” قال إن “حق جميع المنظمات والهيئات السياسية والمدنية للتقدم بمقترحاتها بشأن مشروع قانون المالية مكفول؛ غير أن ذلك يجب أن يكون بشكل منهجي، ووفق ما هو متعارف عليه”.
ولدى حديثه للجريدة حول الموضوع، قال المصدر ذاته إن “التطرق لمشروع قانون المالية ما زال مبكرا. وقد انشغلنا كأحد أحزاب الأغلبية، مؤخرا، بالنقاش حول المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات”.
وتابع: “أضف إلى ذلك أن تدبير هذا المشروع له مسطرته الخاصة وتوقيته المحدد أيضا، ويبدأ بمصادقة المجلس الوزاري على توجّهاته العامة، قبل إحالته إلى البرلمان، ووقتها يمكن للأحزاب التقدّم بتعديلاتها”.
في سياق ذي صلة، قال مصدر من داخل حزب التجمع الوطني للأحرار إن “ما جاء ضمن المذكرة ذاتها مثمن”؛ غير أنه شدد على أن “المذكرات ككل يجب أن تُطرح في توقيت منطقي وعلى أساس معطيات واضحة”.
وفضّل المصدر عينه وصف المبادرة بـ”مراوغات صغيرة لا تخدم المصلحة الوطنية وروح التحالف الحكومي”، وفق تعبيره.
جدير بالذكر أن “رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين” تضم أعضاء نشيطين يتكونون من جميع الفاعلين الاقتصاديين وذوي الصلة بميدان المال أو الأعمال، ومن الأطر العليا المسيرة والمسؤولة في القطاع الخاص أو العام التي لها اهتمام معمق، فكري أو ميداني، بمجالات الاقتصاد والمالية، وفق إحدى أدقّ تعريفاتها.