
المغرب يعزز مخزون القمح لمواجهة ظاهرة شح الأمطار وارتفاع الأسعار
كشفت وزارة الزراعة الأمريكية، في تقرير حديث بشأن العرض والطلب العالمي على المنتجات الزراعية الأساسية، تسجيل ارتفاعٍ في حجم واردات المغرب من القمح إلى 7,5 ملايين طن خلال الموسم التسويقي 2025/2026.
وقالت الخدمة الزراعية الخارجية التابعة للوزارة (USDA FAS)، في تقريرها حول “توقعات العرض والطلب الزراعي العالمي” برسم غشت الجاري، إنها تتوقع استيراد المملكة 7,5 مليون طن من القمح لموسم 2025/2026، وفقا لموقع UkrAgroConsult.
وأشار الموقع المتخصص في الأنباء الفلاحية إلى أن البلاد، التي يُعد فيها الخبز غذاء أساسيا، تستورد أكثر من 50 في المائة من احتياجاتها.
وأوضح المصدر نفسه أن المغرب واجه “ارتفاع تكاليف استيراد الحبوب، مع توقع انخفاض مخزونات القمح العالمية إلى أدنى مستوياتها منذ ما يقرب عقد من الزمان”.
وفي هذا الصدد، توقع التقرير أن “يبلغ احتياطي القمح العالمي 256.2 مليون طن لموسم 2025/2026؛ وهو أدنى مستوى له منذ موسم 2016/2017”. ويعزى ذلك، حسب المصدر نفسه، إلى “ضعف الحصاد في مناطق رئيسية مثل أوروبا وروسيا وأوكرانيا”.
رياض أوحتيتا، خبير ومستشار فلاحي معتمد، قال إن “المغرب تبنى، خلال السنوات الأخيرة، استراتيجية لتعزيز مخزونه من القمح؛ فقد بدأ يأخذ بجدية التقارير التي كانت تصدرها “الفاو” وعدد من المعاهد المتخصصة منذ سنوات، وهي تقارير كانت تتوقع بأن دول شمال إفريقيا سوف تشهد جفافا وشُحا للأمطار تخلّف تراجعا لإنتاج الحبوب وكافة المنتجات الفلاحية”.
وأوضح أوحتيتا، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “التساقطات المطرية التي تهاطلت خلال الموسم الماضي، وكانت مرتفعة مقارنة بالسنوات التي قبله، لا تعني أن البلاد خرجت من المنطقة الحرجة من الجفاف”.
وأكد الخبير والمستشار الفلاحي المعتمد أن “موجات الحر التي شهدها المغرب خلال فصل الصيف ساهمت في تبخر مياه السدود، وسوف تزيد الضغط على الآبار. ولذلك، من الضروري أن تواصل البلاد تعزيز مخزونها من القمح والشعير لضمان الأمن الغذائي للإنسان والماشية”، بتعبير المتحدث عينه.
وشدد أوحتيتا على “أهمية استيراد الحبوب خلال هذه الفترة؛ فقد يطرأ بعدها ارتفاع في الأسعار، وغير معلوم بدقة واقع إنتاج البلاد خلال السنة الفلاحية المقبلة”.
من جانبه، قال أنس منصوري، باحث ومهندس زراعي، إن “جملة من العوامل تفسّر التوقعات بارتفاع استيراد المغرب للقمح؛ في مقدمتها استمرار الإنتاج المنخفض بفعل الجفاف، إذ خفّض الأخير إنتاج البلاد من هذه المادة، خلال المواسم الأخيرة بنسبة تتجاوز 50 في المائة”.
وأوضح منصوري، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن دراسة قام بإجرائها “أثبتت عجزا في إنتاج الحبوب بالمنطقة الشمالية (جهة طنجة تطوان الحسيمة) يفوق 40 في المائة””.
وأبرز الباحث والمهندس الزراعي أن “الحبوب، من قمح وشعير وغيرهما، ما زالت تحظى بإقبال مرتفع من لدن الشعب المغربي، على غرار كثير من الشعوب النامية”.
وتوقّع الخبير الزراعي أن “تظل الكميات المستوردة من القمح الأمريكي مرتفعة، نظرا لاستمرار الصراع الأوكراني الروسي الذي يؤثر على صادرات البلدين اللذين يعدان من كبار المنتجين في العالم، إضافة إلى ارتباط المغرب باتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ ما يعدم الرسوم الجمركية على استيراد المنتج من هذه الدولة”.
كما أشار منصوري، في هذا الصدد، إلى أن “حجم الواردات من القمح الأمريكي يظل معتمدا أيضا على مدى تأثر زراعة الحبوب في الولايات المتحدة الأمريكية بتقلبات المناخ؛ فإذا تسببت في انخفاض إنتاجية البلاد فإنها سوف تلجأ تلقائيا إلى تخفيض صادراتها إلى المغرب”.