المشير حفتر يرسّخ حكم العائلة بتعيين نجله صدام نائبا لقائد الجيش في ليبيا

كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن المشير خليفة حفتر، القائد العسكري النافذ في شرق وجنوب ليبيا منذ نحو عقد، رسخ نفوذ عائلته بشكل أكبر بعد تعيين نجله صدام حفتر في منصب نائب قائد “الجيش الوطني الليبي”، في خطوة تعكس بوضوح ملامح ترتيبات الخلافة داخل العائلة الحاكمة في بنغازي.

ووفق “لوموند”، فإن البرلمان الليبي المنعقد في بنغازي صادق على هذا التعيين في 14 غشت الجاري، مانحا صدام، البالغ من العمر 34 عاما، شرعية سياسية وعسكرية بوصفه الرجل الثاني بعد والده البالغ 82 عاما، ومرشحا لقيادة قواته. وشغل صدام منصب رئيس أركان القوات البرية، كما قاد “لواء طارق بن زياد”، الذي وجهت إليه منظمات حقوقية اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة، بينها التعذيب والقتل والاختفاء القسري.

إعلان المشير حفتر يرسّخ حكم العائلة بتعيين نجله صدام نائبا لقائد الجيش في ليبيا

وترى “لوموند” أن هذه الخطوة توضح أن “الجيش الوطني الليبي” ليس مجرد مؤسسة عسكرية، وإنما هيكل عائلي خاص يخضع لسيطرة أبناء حفتر، إذ عُيّن شقيقه خالد رئيسا للأركان، بينما يشرف بلقاسم على موارد مالية ضخمة مرتبطة بإعادة الإعمار والتنمية. ويثير هذا التركيز للسلطة قلقا بشأن تكريس حكم شخصي بعيد عن أي مسار مدني ديمقراطي.

كما نقلت الصحيفة عن محللين أن صدام أصبح وجها صاعدا في المشهد السياسي والعسكري، ليس فقط عبر قوته على الأرض، بل أيضا من خلال شبكات مالية واقتصادية، بينها مصالح في قطاع النفط عبر شركة “أركينو أويل”. وأشار تقرير صادر عن خبراء الأمم المتحدة في دجنبر 2024 إلى ارتباط صدام بشبكات تهريب مهاجرين والاتجار بالبشر بالتنسيق مع جماعات دولية.

وأضافت “لوموند” أن صدام بات في السنوات الأخيرة أحد الوجوه الدبلوماسية البارزة، إذ مثّل معسكر والده في زيارات لأنقرة والدوحة ونيامي وواغادوغو، مما دفع بعض الباحثين إلى وصفه بأنه “يتصرف كرئيس دولة حتى قبل أن يتولى منصبا رسميا”.

وجاء الإعلان، حسب الصحيفة، في توقيت حساس، مع عرض المبعوثة الأممية هانا تيتيه خريطة طريق جديدة أمام مجلس الأمن، تدعو إلى إجراء انتخابات خلال 12 إلى 18 شهرا. ويعتبر مراقبون أن حفتر أراد من خلال الخطوة توجيه رسالة تحدٍ واضحة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

ولاحظت “لوموند” أن هذه الخطوة لم تواجه رفضا واسعا، سواء داخل ليبيا أو خارجها، إذ اقتصر الاعتراض الداخلي على تصريح مقتضب لرئيس المجلس الأعلى للدولة في طرابلس محمد تكالة، بينما التزمت القوى الدولية الصمت، بما فيها تركيا التي سبق لها أن تدخلت لوقف زحف قوات حفتر على العاصمة عام 2020.

واعتبر محللون، حسب “لوموند”، أن تعيين صدام حفتر يكرس مشروع حكم عائلي طويل الأمد، ويعكس رغبة والده في تجنب ما وصفوه بـ”خطأ القذافي”، الذي ترك أبناءه في حالة تنافس داخلي حتى آخر لحظة، بينما يسعى حفتر إلى تثبيت وريث واضح قبل انسحابه من المشهد.

زر الذهاب إلى الأعلى