
شركات “تضارب المصالح” تحت مجهر قضاة المجالس الجهوية للحسابات
كشفت تسريبات من تقارير أنجزتها لجان تابعة لمجالس جهوية للحسابات بجهات الدار البيضاء- سطات ومراكش- آسفي وفاس- مكناس عن تورط مجالس جماعية في خروقات خطيرة، عبر منح صفقات عمومية لشركات وهمية أو مملوكة لأبناء وأزواج منتخبين للتحايل على مقتضيات “تضارب المصالح”.
وأفادت مصادر عليمة بأن قضاة الحسابات رصدوا، خلال مهام تفتيش بعدد من الجماعات، تورط شركات مشبوهة في معاملات مالية مثيرة للريبة ارتبطت بعلاقات أصحابها برؤساء جماعات ترابية، حيث تم رصد تضارب بين توقيعات المديرين المسيرين والملاك الأصليين إلى جانب تلاعبات في التسيير، خاصة فيما يهم تحويلات مالية مسجلة في حسابات جرت خرقا للمقتضيات المعمول بها في التعامل بين البنوك والشركات.
وكشفت المصادر نفسها عن توقف لجان التفتيش في تقاريرها عند منح صفقات عمومية لشركات لا تتوفر على أبسط مقومات الشخصية الاعتبارية، حيث تبين أن بعض الجماعات تعاملت لعقود مع شركة واحدة؛ فيما عمد رؤساء إلى إحداث شركات بأسماء الأبناء والأزواج للتحايل على مقتضيات دورية تضارب المصالح، ولأغراض مرتبطة بالمضاربة العقارية دون الوقوع في شبهة استغلال النفوذ.
وحسب مصادر جريدة جريدة النهار، فإن عمليات افتحاص وثائق صفقات جماعية مكنت من ضبط تورط جماعات في خروقات لمقتضيات دورية موجهة من قسم المالية المحلية بالمديرية العامة للجماعات المحلية إلى الولاة والعمال بشأن نظام تأهيل وتصنيف مقاولات البناء والأشغال العمومية تحمل توقيع الوزير عبد الوافي لفتيت تحت رقم 2590.
ولفتت مصادرنا إلى أن قضاة الحسابات ضمّنوا تقاريرهم ملاحظات بشأن تورط المجالس المعنية في التغاضي عن فرض شهادة التأهيل التي تشترطها سلطات الوصاية قبل فتح الأظرفة، والسماح بمشاركة شركات لا تتوفر على الضمانات القانونية؛ ما فتح الباب واسعا أمام استعمال شركات وهمية تعتمد أسلوب المناولة في جميع الصفقات الممنوحة. ولم تلتزم جماعات وإدارات عمومية بالمقتضيات المشار إليها في تمرير صفقات عبر طلبات عروض لإنجاز مشاريع هيكلية مهمة، تدخل في إطار المخطط الاستراتيجي للتنمية المندمجة والمستدامة، خصوصًا تلك المتعلقة بتأهيل الشبكة الطرقية.
ودققت لجان الحسابات، وفق مصادر جريدة النهار، في مصاريف واعتمادات مالية مخصصة لنفقات التسيير والتجهيز وصفقات الدراسات واقتناء العتاد، إضافة إلى فواتير الوقود وحظائر السيارات وصفقات الإصلاح والصيانة وفواتير الهاتف والماء والكهرباء والتجهيزات المعلوماتية والتقنية وكذا صفقات قطاع النظافة، خاصة تلك التي رفضت سلطات الوصاية التأشير عليها نهائيًا بسبب كلفتها المرتفعة مقارنة مع مستوى الخدمات المقدمة.
وأثارت التقارير المنجزة تعدد الصفقات المبرمة من قبل جماعات، رغم أن وزارة الداخلية ألزمت الرؤساء بـ”التقشف” في الميزانيات لمواجهة الأزمة الراهنة وانعكاساتها السلبية على الموارد المالية للجماعات الترابية، حيث دعت إلى إعطاء الأولوية للنفقات الإجبارية، وفي مقدمتها الرواتب والتعويضات القارة للموظفين الرسميين والأعوان، وكذا مستحقات الماء والكهرباء والاتصالات، وواجبات الكراء، ومصاريف القروض.
يشار إلى أن عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، كان قد وجّه مراسلة إلى الولاة والعمال، دعاهم فيها إلى تفعيل مسطرة العزل في حالات “تضارب المصالح” بمجالس جماعية؛ فيما نصت مقتضيات المادة 65 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية على أنه “يمنع على كل عضو من أعضاء مجالس الجماعة أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة أو مؤسسات التعاون أو مع مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة عضوا فيها، أو مع الهيئات أو مع المؤسسات العمومية أو شركات التنمية التابعة لها ، أو أن يبرم معها أعمالا أو عقودا للكراء أو الاقتناء أو التبادل، أو كل معاملة أخرى تهم أملاك الجماعة، أو أن يبرم معها صفقات الاشغال أو التوريدات أو الخدمات، أو عقود للامتياز أو الوكالة، أو أي عقد يتعلق بطرق تدبير المرافعة العمومية للجماعة”.