
تدقيق مشترك للداخلية والمالية في انتزاع صفقات عمومية بوثائق مزورة
علمت جريدة النهار من مصادر جيدة الاطلاع أن عملية تدقيق نوعية مشتركة بين مصالح تفتيش تابعة لوزارتي الداخلية والاقتصاد والمالية كشفت عن خروقات خطيرة في صفقات عمومية تمكنت شركات من انتزاعها بواسطة وثائق مزورة، بينها ضمانات بنكية وشهادات إبراء ذمة ضريبية، موضحة أن معطيات واردة ضمن تظلمات مرفوعة من قبل مقاولات مقصية قادت إلى افتحاص وثائق عشرات الصفقات وسندات الطلب المشبوهة خلال مرحلة أولى.
وأفادت المصادر ذاتها بأن المفتشين باشروا عمليات تدقيق واسعة في ملفات صفقات وسندات طلب أطلقتها مؤسسات ومقاولات عمومية وجماعات ترابية برسم السنوات الأربع الماضية، مؤكدة أن مؤشرات الاشتباه حول الملفات التي حوت مستندات ووثائق مزورة استندت إلى معلومات دقيقة واردة ضمن شكايات مقاولات تعرضت للإقصاء والاستبعاد من التنافس على طلبات عروض بطرق اعتبرتها “غير شفافة”، مشددة على تمكن عناصر التفتيش من ضبط ضمانات بنكية لا تعكس حقيقة الوضع المالي للشركات، وشهادات إدارية مزيفة أخرى، بينها إبراء الذمة الضريبية (Attestation de régularité fiscale).
وأكدت المصادر نفسها عزم مصالح التفتيش إحالة ملفات صفقات عمومية وسندات طلب على القضاء من أجل تعميق البحث بشأنها، وتكييف التهم الموجهة للمسؤولين المتورطين في الخروقات المرصودة بها، باعتبارها تتعلق بتزوير وثائق إدارية واستعمالها، ما يمنحها صبغة جنائية، مبرزة أن مهام التدقيق جرى تعميمها لتشمل مختلف الصفقات المنجزة من طرف مؤسسات بعينها، وإعداد تقارير شاملة بالاختلالات المسجلة فيها، ومقارنتها مع تقارير ومحاضر الرقابة الداخلية المنجزة خلال السنوات المشمولة بالافتحاص.
يشار إلى أن الصفقات العمومية ما زالت تخضع لمرسوم وقرارات متفرقة بين رئيس الحكومة ووزير الاقتصاد والمالية، في ظل مطلب إحداث مدونة خاصة بهذه الصفقات، تمثل إطارا تشريعيا جامعا، لسد مجموعة من الثغرات التي تمثل اختلالات مهمة، تكبد ميزانية الدولة خسائر بالمليارات سنويا، وتساهم في هدر المال العام، وعدم بلوغ النجاعة على مستوى تنفيذ البرامج والاستراتيجية العمومية في مجالات مختلفة.
وكشفت مصادر جريدة النهار توقف عمليات التدقيق المشتركة عند تناقضات بين تصريحات مقاولات متنافسة على صفقات عمومية ومعطيات متحصل عليها من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمديرية العامة للضرائب وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة وإدارات أخرى، موردة أن التدقيق هم طلبات عروض موضوع رفض من قبل آمرين بالصرف، ارتبطت بصفقات متوسطة القيمة خاصة بأشغال تهيئة وتجهيز دقيقين، فرضت ضرورة الإدلاء بشهادات متنوعة.
ورصدت مهام الافتحاص أيضا لجوء جهات أصحاب المشاريع (مؤسسات ومقاولات عمومية وجماعات ترابية) إلى تضمين طلبات عروض، جرى الإعلان عنها عبر البوابة الوطنية الرقمية المخصصة للصفقات العمومية، شروطا دقيقة مرتبطة بكل وثيقة وشهادة مطلوبة على حدة، في محاولة لتقليص هامش مخاطر التزوير وتزييف المعطيات، وذلك من خلال فرض الإدلاء بوثائق ثانوية إضافية، مثل شهادات الالتزام بالآجال المحددة في المشاريع ووصولات التسليم عند فرض تقديم “شهادات مرجعية”.
وضمنت مصالح التفتيش تقاريرها، وفق مصادر جريدة النهار، ملاحظات بخصوص تجاهل مسؤولين عن المشتريات والطلبيات العمومية توجيهات مركزية، همت التقيد بمقتضيات المادة 152 من المرسوم رقم 2.22.431، المتعلق بالصفقات العمومية، التي تتيح لصاحب المشروع اتخاذ قرار الإقصاء المؤقت أو النهائي من المشاركة في الصفقات المعلن عنها من طرف مؤسسته والمصالح التابعة لها، في مواجهة كل متنافس أو صاحب صفقة ثبت في حقه الإدلاء بتصريح بالشرف، تضمن معلومات غير صحيحة أو وثائق مزورة، أو ارتكاب أعمال غش أو رشوة أو مخالفات متكررة لشروط العمل.