في تصعيد جديد يعكس تعقيد المشهد اللبناني، وجّه رئيس حزب “القوات اللبنانية”، سمير جعجع، انتقادات حادة للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، على خلفية خطاب الأخير الذي اعتُبر من جانب جعجع تهديدًا مباشرًا للمؤسسات الدستورية في البلاد، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية والحكومة.
واعتبر جعجع، في بيان نقلته “الوكالة الوطنية للإعلام”، أن خطاب قاسم لا يستهدف فقط الحكومة التي نالت ثقة الأكثرية النيابية، بل يتجاوز ذلك ليشكّل، حسب تعبيره، تهديدًا لـ”كل لبناني حر”. وأضاف: “إذا كان الشيخ قاسم يفترض أنه لم يعد في لبنان لبنانيون أحرار، فهو مخطئ جدًا”، مؤكدًا أن اللبنانيين الأحرار، الذين وصفهم بـ”الأكثرية الكبرى”، يقفون خلف مؤسسات الدولة في سعيها لإعادة الانتظام إلى المؤسسات، واستعادة ثقة المجتمع الدولي.
وتأتي تصريحات جعجع بعد خطاب ألقاه الشيخ قاسم في بعلبك بمناسبة إحياء أربعينية الإمام الحسين، حيث أكد تمسك “حزب الله” بسلاحه ما دام الاحتلال قائمًا، ولوّح بـ”معركة كربلائية” إذا لزم الأمر. كما حمّل الحكومة اللبنانية “كامل المسؤولية عن أي فتنة داخلية”، منتقدًا تقاعسها عن الدفاع عن الأراضي اللبنانية.
هذا التراشق الكلامي يأتي في وقت تمر فيه البلاد بمرحلة دقيقة، وسط تدهور اقتصادي حاد، وشلل مؤسسي مستمر، وانقسام داخلي حاد بشأن سلاح “حزب الله” ودوره الإقليمي. ويرى مراقبون أن اللهجة التصعيدية بين الطرفين تعكس احتدام الصراع حول هوية الدولة اللبنانية ودورها، في ظل غياب توافق وطني على أولويات المرحلة المقبلة.
ويرى جعجع في هذه اللحظة “مرحلة تأسيسية بامتياز”، داعيًا إلى دعم المؤسسات الدستورية ومنع أي محاولة لإفشال ما اعتبره مسعىً لاستعادة الدولة.
أما حزب الله، الذي يرى في سلاحه ضمانة للردع ومقاومة للاحتلال، فلا يبدو مستعدًا لأي تنازل في هذا الملف، ما يُبقي الاشتباك السياسي الداخلي مفتوحًا على مزيد من التعقيد.