سلّط تقرير جديد، نشرته شبكة “بلومبرغ”، الضوء على التحديات المتفاقمة التي تواجه شركة “سواتش” السويسرية، أحد أشهر صانعي الساعات في العالم، التي باتت تعاني من مجموعة من الأزمات، في مقدمتها تباطؤ المبيعات في الصين، والرسوم الجمركية المفروضة على الساعات السويسرية من قبل الولايات المتحدة، في الوقت الذي تشهد السوق العالمية تحوّلات عميقة في طبيعة الطلب على الساعات.
وتعود قصة “سواتش” إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حين نجحت هذه العلامة في إنقاذ صناعة الساعات السويسرية من الانهيار في أعقاب “ثورة الكوارتز” القادمة من اليابان، عبر طرح ساعات ملونة، منخفضة التكلفة وذات طابع فني يستهوي شريحة جديدة من المستهلكين، الذين رأوا في هذه الساعات أداة للموضة أكثر من كونها أداة للقياس الزمني.
لكن، حسب ما أوضحته “بلومبرغ”، فإن هذه الاستراتيجية التي أنقذت “سواتش” في الماضي، قد تكون نفسها اليوم مصدر أزمتها، في ظل انحسار الطلب على الساعات الاقتصادية لصالح الساعات الذكية والهواتف، وبروز الساعات الفاخرة كمحرّك أساسي لنمو القطاع.
وتشكل السوق الصينية أحد أبرز التحديات الحالية أمام الشركة، إذ بلغت مساهمتها في مبيعات “سواتش” عام 2024 نحو 27 بالمائة. لكن تباطؤ الإنفاق الفاخر في الصين ألحق ضررًا بالغًا بالشركة مقارنة بمنافسيها، رغم أن “سواتش” أشارت في بيانات حديثة إلى وجود مؤشرات على تعافٍ تدريجي، وإن كان بطيئًا.
وعلى الجانب الآخر، تعاني الشركة من تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الواردات السويسرية بنسبة 39 بالمائة، مما زاد في كلفة التوزيع في السوق الأمريكية، وحدّ من قدرة الشركة على تعديل الأسعار في ظل التباطؤ الاقتصادي الراهن.
ومع تزايد الضغوط دعا عدد من المستثمرين الشركة إلى التركيز بشكل أكبر على الفئة الفاخرة، باعتبارها المسار الأكثر ربحية اليوم. ومن أبرز هؤلاء المستثمر الأمريكي ستيفن وود، مؤسس شركة GreenWood Investors، الذي خاض حملة للفوز بمقعد في مجلس إدارة “سواتش”، إلا أنه لم ينجح. غير أن تحركه كشف عن حجم القلق داخل الأوساط الاستثمارية بشأن مستقبل الشركة.
لكن عائلة “حايك”، التي تسيطر على أكثر من 40 بالمائة من حقوق التصويت داخل الشركة، أكدت تمسّكها برؤية متوازنة لا تقتصر على إنتاج الساعات للأثرياء فقط، بل تسعى للحفاظ على روح “سواتش” كماركة شعبية وشابة.
في المقابل، لا تزال الشركة قادرة على استعادة الأضواء بين الحين والآخر، كما حدث عام 2022 عند إطلاق ساعة MoonSwatch، وهي نسخة منخفضة الكلفة مستوحاة من تصميم ساعة “سبيدماستر” التي ارتدتها بعثات “أبولو” إلى القمر. هذه الساعة حققت مبيعات تجاوزت المليون قطعة، إلا أن الشركة لم تنجح في تكرار هذا الزخم في منتجات أخرى.
وفي ختام التقرير تشير “بلومبرغ” إلى أن “سواتش” تقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم، بين التمسّك بجذورها كعلامة جماهيرية، وبين ضرورة إعادة التمركز في سوق باتت تهيمن عليها الفخامة والتكنولوجيا والمرونة الإنتاجية.