طالب مقاتلون أجانب، وآخرون من الذين انخرطوا في الحرب الأهلية السورية من خارج البلاد، بمنحهم الجنسية السورية من قبل الحكومة الجديدة ذات القيادة الإسلامية، معتبرين أن دعمهم المعارضة خلال النزاع يخولهم نيل هذا الحق. وقد جاءت هذه الدعوة عبر رسالة رسمية وُجهت إلى وزارة الداخلية السورية، في خطوة تكشف تعقيدات الواقع السياسي والاجتماعي في سوريا ما بعد الأسد.
وجاء في الرسالة التي حصلت وكالة “رويترز” على نسخة منها: “تقاسمنا الخبز والأحزان والأمل في مستقبل حر وعادل لسوريا، ومع ذلك يبقى وضعنا القانوني مجهولًا”. وناشد المقاتلون القيادة السورية الجديدة منحهم الجنسية الكاملة وحق حمل جواز سفر سوري.
ويعيش عدد كبير من هؤلاء الأجانب دون وثائق قانونية، في وقت ترفض دولهم الأصلية إعادتهم، نظراً إلى ارتباطاتهم بمجموعات تعتبرها متطرفة، بينما يخشى بعضهم السجن أو الإعدام في حال العودة.
المطلب الذي تقدم به المقاتلون يتقاطع مع خطاب الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، الزعيم السابق لهيئة تحرير الشام، الذي أشار سابقًا إلى إمكانية منح الجنسية للأجانب الذين قاتلوا إلى جانب المعارضة، إلا أن أياً من هذه التصريحات لم يُترجم حتى الآن إلى إجراءات فعلية.
ويُعد بلال عبد الكريم، الصحافي الأمريكي المقيم في سوريا منذ 2012، من أبرز الموقعين على الرسالة، مؤكداً أن الآلاف من الأجانب ينتمون إلى أكثر من عشر دول قد يستفيدون من هذا الطلب. وتضم القائمة مواطنين من مصر والسعودية وباكستان وإندونيسيا والمالديف، بالإضافة إلى بريطانيين وألمان وفرنسيين وكنديين، وآخرين من الشيشان ومن قومية الويغور.
ورغم أن وزارة الداخلية السورية أكدت أن قرار منح الجنسية يقع ضمن صلاحيات الرئاسة فإن المكتب الإعلامي للرئاسة لم يصدر تعليقًا حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
التحرك أثار قلقًا لدى قطاعات من السوريين الذين يخشون من أن يكون ولاء هؤلاء الأجانب لمشروع إسلامي عابر للحدود، أكثر منه لسوريا كدولة. كما تحيط شكوك بتورط بعض هؤلاء في انتهاكات في حق الأقليات الدينية، خصوصاً في الساحل السوري، حيث خلص تحقيق أجرته “رويترز” إلى مشاركة مقاتلين من الويغور والأوزبك والشيشان في أعمال عنف طائفية، إلى جانب فصائل سورية محلية.
وتأتي هذه الدعوات في وقت تسعى الحكومة الجديدة إلى ترميم علاقاتها الدولية وكسب اعتراف أوسع، ما يجعل أي قرار بمنح الجنسية للأجانب محاطًا بحسابات دقيقة تتعلق بالرأي العام المحلي والدولي.
ويرى مراقبون أن منح الجنسية قد يشكل مدخلاً لدمج المقاتلين ضمن مؤسسات الدولة، ما يعزز من قابليتهم للمساءلة القانونية ويقطع الطريق أمام توظيفهم في صراعات خارجية. غير أن هذا السيناريو لا يبدو محسوماً في ظل الانقسامات الداخلية والتوازنات الإقليمية الحساسة.
من جهته صرح توقير شريف، وهو موظف إغاثة سابق جُرد من جنسيته البريطانية بسبب صلات مزعومة بتنظيمات متشددة، بأن كثيرًا من الأجانب “ليسوا قتلة، بل جاؤوا لإنقاذ أرواح”، مطالبًا برد الاعتبار لهم.