
31 دولة عربية وإسلامية تندد بتصريحات نتنياهو حول “إسرائيل الكبرى”
نددت 31 دولة عربية وإسلامية، عبر وزراء خارجيتها إلى جانب الأمناء العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي، بالتصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي نُقلت عبر وسائل إعلام إسرائيلية، حول ما يسمى بـ”إسرائيل الكبرى”.
ووصف الوزراء، في بيان مشترك صدر الجمعة، هذه التصريحات بأنها “استهانة بالغة بالقانون الدولي وافتئات خطير على أسس العلاقات الدولية المستقرة، وتشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي ولسيادة الدول، وللسلم والأمن الإقليمي والدولي”.
ويشير مصطلح “إسرائيل الكبرى” إلى الحدود التوراتية المنسوبة إلى زمن نبي الله الملك سليمان، والتي يُفترض أنها تشمل حاليًا الضفة الغربية المحتلة، وأجزاء من الأردن ولبنان وسوريا. وقد سبق لليمين المتطرف في إسرائيل أن دعا إلى احتلال هذه الأراضي، باعتبارها جزءًا مما يسميه “أرض الميعاد”.
وخلال مقابلة أجراها نتنياهو مع قناة “آي 24” الإسرائيلية، الثلاثاء الماضي، عرض عليه المحاور خريطة للأرض الموعودة وسأله إن كان يشارك هذه “الرؤية”، فأجاب مرتين بـ”بالتأكيد”، قبل أن يعلّق المحاور: “إنها إسرائيل الكبرى”. فرد نتنياهو قائلًا إنه كثيرًا ما يتذكر والده وجيل المؤسسين، وأنه يرى في ضمان استمرار وجود الدولة “مهمة عظيمة” لجيله.
البيان العربي والإسلامي شدد على التزام الدول الموقعة بالشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، خاصة الفقرة الرابعة من المادة الثانية التي تحظر استخدام القوة أو التهديد بها. وأكد أن هذه الدول ستتخذ “كافة السياسات والإجراءات التي تُؤطر السلام وتُكرّسه، بعيدًا عن أوهام السيطرة وفرض سطوة القوة”، في رفض واضح للمفاهيم التوسعية التي عبر عنها نتنياهو.
البيان المشترك صادر عن وزراء خارجية كل من المغرب والجزائر والبحرين وبنغلادش وتشاد وجزر القمر وجيبوتي ومصر وغامبيا وإندونيسيا والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا وجزر المالديف وموريتانيا ونيجيريا وعُمان وباكستان وفلسطين وقطر والسعودية والسنغال وسيراليون والصومال والسودان وسوريا وتركيا والإمارات واليمن، إلى جانب أمين عام جامعة الدول العربية وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي، وأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
كما أدان البيان موافقة وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش على خطة الاستيطان في المنطقة “E1″، وتصريحاته الرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية. واعتبر الوزراء أن هذه الخطوة “انتهاك صارخ للقانون الدولي واعتداء على حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأشار البيان إلى قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي يجرّم الأنشطة الاستيطانية ويصفها بغير القانونية وأعاد التأكيد على الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الذي شدّد على ضرورة إنهاء الاحتلال فورًا، وإزالة آثاره وتعويض المتضررين.
كما حذّر من خطورة النوايا الإسرائيلية لضم مزيد من الأراضي الفلسطينية، واستمرار الانتهاكات بحق الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وإرهاب المستوطنين، والاقتحامات اليومية للمدن والمخيمات الفلسطينية، والتدمير المنهجي لمخيمات اللاجئين، وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم. وأكد أن هذه السياسات، المقترنة بخطاب عقائدي وعنصري، تهدد بتأجيج الصراع الإقليمي وتوسيع نطاقه.
وأشار البيان إلى أن تصريحات نتنياهو جاءت في الوقت الذي يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا عسكريًا واسع النطاق، إذ تتواصل الحرب في قطاع غزة منذ هجوم حركة “حماس” في أكتوبر 2023، إلى جانب عمليات عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، ومواجهات على جبهات لبنان وسوريا واليمن، فضلًا عن مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران في يونيو الماضي.
وفي الشق الإنساني، جدّد وزراء الخارجية رفضهم “جرائم العدوان والإبادة الجماعية والتطهير العرقي” بحق الفلسطينيين في غزة، والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط، وإنهاء الحصار المفروض على القطاع. كما شددوا على أن غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، وعلى ضرورة تولي دولة فلسطين مسؤوليات الحكم فيها أسوة بالضفة الغربية، بدعم عربي ودولي.
واختتم البيان بدعوة المجتمع الدولي، خاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى تحمّل مسؤولياتها في إلزام إسرائيل بوقف عدوانها والتصعيد في الضفة الغربية، ووقف التصريحات التحريضية، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتمكينه من نيل حقوقه المشروعة، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات المرتكبة.
وأبرز أن هذا الموقف العربي والإسلامي الموحد يأتي في ظرفية حساسة، حيث تواصل إسرائيل سياسة فرض الأمر الواقع وسط مخاوف متزايدة من انزلاق المنطقة إلى مواجهة مفتوحة، في ظل غياب أفق سياسي جاد لحل الصراع.