تشهد إسرائيل حالة من التباين بعد إقرار حكومة بينامين نتانياهو خطة للسيطرة على مدينة غزة، وسط دعوات اليمين المتطرف لزيادة الضغط العسكري على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومطالبات عائلات الرهائن باتفاق يتيح عودتهم، قبيل ساعات من جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأنها.
وبعد 22 شهرا على اندلاع الحرب إثر هجوم “حماس” على إسرائيل في السابع من تشرين أكتوبر 2023، يواجه نتانياهو ضغوطا داخلية بشأن مصير الرهائن الـ49 الذين ما زالوا محتجزين في القطاع، وخارجية على خلفية الحصار والأزمة الإنسانية الحادة التي تطال أكثر من مليوني نسمة يسكنون القطاع، وتحذر الأمم المتحدة من أنها بلغت شفا المجاعة.
وأقر المجلس الأمني الإسرائيلي الوزاري، فجر الجمعة، خطة للسيطرة على مدينة غزة المدمّرة بشكل كبير بفعل الحرب.
وتظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين، مساء السبت، في شوارع تل أبيب مطالبين بإنهاء الحرب وإبرام اتفاق يتيح إطلاق الرهائن المحتجزين منذ هجوم 2023.
تزامنا، انتقد بتسلئيل سموطريتش، وزير المال الإسرائيلي، أحد أبرز وجوه اليمين المتطرف في الحكومة، اقتصار الخطة على السيطرة على مدينة غزة.
وقال سموطريتش، في مقطع مصوّر، إن “رئيس الوزراء والكابينت خضعا للضعف. العواطف غلبت المنطق، واختارا مرة جديدة تكرار الأمر ذاته، إطلاق عملية عسكرية هدفها ليس تحقيق النصر الحاسم، بل فرض ضغط محدود على “حماس” لتحقيق اتفاق جزئي بشأن الرهائن”.
أضاف وزير المال الإسرائيلي: “قررا مجددا تكرار المقاربة ذاتها، إطلاق عملية عسكرية لا تهدف للوصول الى حل حاسم”.
بدوره، أكد إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، أن المطلوب هو السيطرة على “كل غزة”.
وقال اليميني المتطرف لإذاعة “كان”، الأحد، إن “تحقيق النصر ممكن. أريد كل غزة، نقل واستيطان. هذه الخطوة لن تشكّل تهديدا للقوات”.
وكان المتظاهرون في تل أبيب رفعوا لافتات وصور الرهائن، ودعوا الحكومة إلى تأمين إطلاق سراحهم.
ووجّه شاهار مور زهيرو، أحد أقارب الرهائن القتلى، رسالة إلى نتانياهو، قائلا: “إذا غزوت أجزاء من غزة وقُتل الرهائن، فسنلاحقك في ساحات المدينة وفي الحملات الانتخابية وفي كل زمان ومكان”.
“جريمة جديدة”
وفي ظل التباينات الداخلية، أثارت خطة إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة انتقادات دولية؛ بعضها من حلفاء وثيقين للدولة العبرية مثل ألمانيا.
وتدعو قوى أجنبية إلى التوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار عبر التفاوض لضمان عودة الرهائن والمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في القطاع.
في ظل ذلك، يعقد مجلس الأمن الدولي، الأحد، جلسة للبحث في الخطوة الإسرائيلية الأخيرة التي لم تحدد حكومة نتانياهو موعدا للشروع بها.
لكن رغم التنديد والتقارير عن معارضة كبار القادة العسكريين للقرار بشأن غزة، ظل نتانياهو متمسكا بموقفه.
وقال، في منشور على مواقع التواصل، في وقت متأخر الجمعة: “نحن لا نعتزم احتلال غزة؛ بل سنحرر غزة من “حماس””.
وواجه نتانياهو احتجاجات منتظمة، على مدى أشهر الحرب. وطالبت العديد من التظاهرات الحكومة بالتوصل إلى اتفاق مع “حماس”، بعد أن شهدت الهدنات السابقة تبادل رهائن بمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
من بين 251 رهينة تم احتجازهم خلال هجوم عام 2023، لا يزال 49 في غزة، 27 منهم يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
ونددت السلطة الفلسطينية، السبت، بخطة إسرائيل لتوسيع عملياتها في غزة.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن “القرار الخطير الذي اتخذته حكومة الاحتلال الإسرائيلي بإعادة احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه إلى الجنوب، هو جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة الجرائم الإسرائيلية في الضفة بما فيها القدس”، وفق وكالة الأنباء الرسمية (وفا).
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أفاد بأن الخطة الجديدة للسيطرة على غزة تتضمن “خمسة مبادئ لإنهاء الحرب هي: نزع سلاح “حماس”؛ إعادة جميع الأسرى – أحياء وأمواتا؛ نزع سلاح قطاع غزة؛ السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة؛ إقامة إدارة مدنية بديلة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية”.
يحتل الجيش الإسرائيلي حاليا أو ينفذ عمليات برية في حوالي 75 في المائة من مساحة غزة، ويقود معظم عملياته من نقاط ثابتة في القطاع أو انطلاقا من مواقعه على امتداد الحدود. وينفذ الجيش قصفا جويا ومدفعيا متواصلا في مختلف أنحاء القطاع بشكل يومي.
في غزة، أعلن الدفاع المدني مقتل 37 شخصا على الأقل بنيران إسرائيلية في مختلف أنحاء القطاع السبت، 30 منهم كانوا ينتظرون للحصول على المساعدات.
واندلعت الحرب في القطاع إثر هجوم غير مسبوق لـ”حماس” في السابع من أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1219 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفقا تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية.
وأسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب في غزة عن مقتل 61 ألفا و369 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، حسب وزارة الصحة التي تديرها “حماس” في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.