صفقات ونفوذ .. ملياردير “الكربيتو” يسعى إلى الحصول على عفو من ترامب

كشفت مصادر إعلامية أمريكية أن تشانغبينغ تشاو، الملياردير الكندي الجنسية والمولود في الصين، مؤسس منصة “بينانس” وأغنى رجل في عالم العملات المشفرة، يقود واحدة من أكثر حملات الضغط السياسي تنظيماً في واشنطن بهدف الحصول على عفو رئاسي من دونالد ترامب.

العفو، إذا تحقق، لن يقتصر أثره على إنهاء القيود القانونية المفروضة على تشاو، بل قد يفتح الباب أمام “بينانس” للعودة إلى السوق الأميركية واستعادة تراخيص العمل التي خسرتها عقب إدانتها عام 2023 بانتهاك قوانين مكافحة غسل الأموال، وفق ما ذكره تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.

تشاو، المعروف اختصاراً بـ”CZ”، الذي تقدر تروثه بحوالي 70 مليار دولار، يقود هذه الحملة على خطين متوازيين: علني يقوم على إظهار الدعم لسياسات ترامب في قطاع العملات المشفرة، وسري يتمثل في توظيف شبكة من المحامين وجماعات الضغط ذات الروابط الوثيقة بدائرة الرئيس.

ومن أبرز وجوه هذه الشبكة المحامية تيريزا غودي غيّين، المسؤولة السابقة في هيئة الأوراق المالية والبورصات، وتعمل حالياً في مكتب المحاماة الدولي “بيكر هوستتلر”. غودي تمثل في الوقت نفسه مصالح “بينانس” و”وورلد ليبرتي فاينانشال”، وهي شركة العملات المشفرة التابعة لعائلة ترامب، ما يجعلها جسراً مباشراً بين الطرفين.

تقرير “نيويورك تايمز” يوضح أن العلاقة بين تشاو وعائلة ترامب لم تتوقف عند التمثيل القانوني المشترك، بل امتدت إلى شراكات تجارية.

ففي أبريل الماضي ظهر تشاو في صورة التقطت خلال فعالية للعملات المشفرة في أبوظبي إلى جانب زاك ويتكوف، الشريك المؤسس لـ”وورلد ليبرتي فاينانشال” ونجل رجل الأعمال الأميركي وصديق ترامب المقرّب ستيف ويتكوف. وبعد أيام فقط أعلن ويتكوف أن “بينانس” اختارت شركته لمعالجة استثمار ضخم بقيمة ملياري دولار من صندوق إماراتي. هذه الصفقة اعتبرها بعض المراقبين “مثالاً مباشراً” على تلاقي المصالح التجارية مع الأجندة السياسية.

وبحسب الصحيفة ذاتها فإن “بينانس” عززت كذلك فريق الضغط السياسي لديها بالتعاقد مع شركة “Perspective Strategies”، المعروفة بروابطها بترامب، مقابل ما لا يقل عن 30 ألف دولار، إضافة إلى التعاون مع “Checkmate Government Relations”، وهي شركة يقودها تشيس ماكدويل، الصديق المقرّب لنجله دونالد ترامب جونيور، الذي تجمعه به هواية الصيد.

وفي العلن لم يتردد تشاو في مدح ترامب عبر المقابلات والبودكاست، مشيداً بما وصفه بـ”النهج الداعم للعملات المشفرة” الذي تتبناه الإدارة، ومؤكداً تطابق رؤيته مع رؤية الرئيس في تحويل الولايات المتحدة إلى “عاصمة الكريبتو العالمية”؛ كما حاول إعادة صياغة قضيته كمسألة ذات دوافع سياسية، مشيراً إلى أنه، مثل ترامب، تعرض للاستهداف من قبل خصوم سياسيين.

الديمقراطيون، وعلى رأسهم السيناتور ريتشارد بلومنتال، أبدوا قلقهم من أن العفو قد يكون ثمرة “صفقات مقايضة” بين البيت الأبيض و”بينانس”، تعود بالنفع على شركة عائلة ترامب، وتفتح في الوقت ذاته الباب أمام تشاو لإبرام شراكات جديدة في سوق العملات المشفرة الأميركي شبه غير المنظم.

وأفادت “نيويورك تايمز” بأن بلومنتال وجّه طلبات رسمية للبيت الأبيض و”وورلد ليبرتي فاينانشال” للكشف عن تفاصيل العلاقة مع “بينانس” وحملة الضغط من أجل العفو، محذراً من أن ذلك قد يشكل “إساءة استخدام واضحة” لصلاحيات العفو الرئاسي.

ويرى محللون أن العفو عن تشاو سيمنح “بينانس” فرصة لتقديم طلبات جديدة للحصول على تراخيص نقل الأموال في الولايات المتحدة، ما يضعها في موقع منافسة مباشر مع منصات أميركية كبرى مثل “كوينبيس”.

هذا الاحتمال يثير حفيظة المنافسين الذين يعتبرون أن تشاو “أدار ظهره للامتثال للقوانين” في وقت التزموا هم بمعايير أكثر صرامة، الأمر الذي يجعل المنافسة غير عادلة.

ورغم الانتقادات يواصل تشاو استثماره في هذه الشبكة المعقدة من العلاقات السياسية والتجارية، مستنداً إلى سجل طويل من بناء النفوذ، منذ تأسيس “بينانس” عام 2017 وتحويلها في غضون سنوات قليلة إلى أكبر منصة تداول للعملات المشفرة في العالم، مسؤولة عن معالجة ما يصل إلى ثلثي حجم التداول العالمي.

وإذا نجحت الحملة وفق الصحيفة الأمريكية فإن عودة “بينانس” للسوق الأميركي ستشكل لحظة فارقة في موازين القوة داخل قطاع العملات المشفرة، لكنها ستترك في الوقت ذاته أسئلة مفتوحة حول الحدود الفاصلة بين السلطة السياسية والمصالح الاقتصادية في عهد ترامب.

Exit mobile version