محامون مغاربة يُطالبون بمنع ترامب من الحصول على “جائزة نوبل للسلام”

جمعت رسالةٌ توصلت بها لجنة جائزة نوبل حول جائزتها المتوجة لجهود “السلام” في العالم، محامين ونقباء مغاربة وعربا، ضد “نية ترشيح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجائزة نوبل للسلام لسنة 2025″، واصفة الأمر بـ”الفضيحة”؛ لأن “الجائزة لا تكرم ممولي الحروب، والداعمين لها، والمحرضين على الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة، ومنتهكي حقوق الإنسان”.

الرسالة التي أشرف عليها المحامي المغربي خالد السفياني، سُلّمت باسم “اللجنة القانونية العربية لملاحقة مجرمي الحرب بالكيان الصهيوني”، وضمت أسماء مغربية من عالم المحاماة من قبيل: بشرى العاصمي، بنعيسى المكاوي، العربي فندي، عبد الرحمن بنعمرو، عبد الرحيم الجامعي، عبد الرحيم بنبركة، ونعيمة الكلاف، فضلا عن أسماء قانونية من الكويت، ولبنان، والأردن، ومصر، والجزائر، والعراق، وليبيا.

إعلان محامون مغاربة يُطالبون بمنع ترامب من الحصول على "جائزة نوبل للسلام"

يقول نص الرسالة الموجهة إلى رئيس لجنة “نوبل”: “إلى اليوم لا يمكننا أن نصدق هذه الفضيحة لأنها وفي حد ذاتها تجعل من الترشيح المحتمل جريمة قائمة في حق الجائزة وفي حق وصية مؤسسها ألفريد نوبل، وفيما ترمز إليه من تكريم ومكافأة من يقدمون التضحيات لضمان وحماية روابط التآخي بين الأمم ونشر السلام والعدل والمحبة لفائدة الإنسانية، ومن يناهضون التمييز والعنصرية ولا يقيمون جدران الفصل بين الشعوب، ومن لا يشجعون على انتهاك حقوق الإنسان ويعملون على إفلات المجرمين من المساءلة ومن العقاب، كما أوصى بذلك صاحب الجائزة منذ أكثر من قرن”.

وشدّدت الرسالة على أن “الرئيس ترامب لا يُتوسم فيه أي خير للإنسانية، ولا يستحق شرف الحصول على الجائزة، لأنه ضد السلام الحقيقي والعادل، ولا يعمل إلا من أجل مصالح صانعي الحروب وتجار الأسلحة، والمدمنين على تهجير وتجويع النساء والأطفال والشيوخ”، مردفة أن مجرد الترشيح لا يليق “البتة بتاريخ الجائزة، وسمعتها الأخلاقية، وبقيمتها الإنسانية؛ فالجائزة كما يعلم الجميع وسامُ شرف يجازى بها رجال ونساء وشخصيات من أكبر فقهاء القانون وعلماء الطب وأدباء وخبراء، وكذا سياسيون ودبلوماسيون ومناضلون أوفياء خالدون من المتشبعين بقيم حقوق الإنسان والمدافعين عن الشعوب، وممن قدم جليل الخدمات للإنسانية، وممن قدموا الحياة والراحة والفكر والدعم لكي تتوقف الصراعات والحروب مهما كانت أسبابها، ولكي لا تسمع طلقة قاتلة ضد طفل أو امرأة أو مريض”.

بينما، يردف المحامون المغاربة والعرب: “الرئيس ترامب مسؤول عن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية في غزة وفلسطين كلها وفي غيرها، ولا يتردد في حماية المجرمين الفارين من العدالة الدولية أمثال نتنياهو، كما أنه يشجع على انتهاك القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة بهدف استمرار حرب الإبادة على شعب وعلى كل مكوناته البشرية والحضارية، ويستعمل سلاح الأقوياء بالتعرض والفيتو بمجلس الأمن أساسا على قرارات إيقاف الحرب والعدوان على الشعب الفلسطيني، وعلى تطبيق العقوبات على الكيان الصهيوني من أجل تشجيعه على انتهاك الشرعية الدولية، ولم تسلم من حماقاته السياسية حتى الجامعات التي سحب منها الدعم، عقابا لها وعقابا لطلبتها الذين استنكروا ونددوا بحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني بغزة، أو طالبوا بمنع تزويد جيوش الإبادة بالأسلحة”.

ومن بين ما أوردته الرسالة إلى لجنة نوبل من حجج على عدم أهلية الرئيس الأمريكي لجائزة نوبل للسلام، كون ترامب الذي “قاد الحملات العنصرية ضد الأجانب والمهاجرين وبنى حائط العار والتمييز، يحمل معه سجلا من الفضائح الانتخابية والمالية، ويتمتع بسوابق قضائية جنائية، ووراءه تهم ثقيلة، ومنها التهم الأربعة والثلاثون التي حكم من أجلها من قبل محكمة ولاية نيويورك بسبب تزوير وثائق تجارية والتلاعب في الانتخابات وغيرها، وكذا ما أدين من أجله مؤخرا من قبل المحكمة العليا الأمريكية”، وكونه “لا يخصص أي احترام للقانون الدولي المنظمِ للعلاقات بين الدول في العالم، ولا يقدر مكانة المؤسسات الدولية والأجهزة التي تعمل تحت سلطة الأمين العام للأمم المتحدة، فهو الوحيد الذي استعمل القوة والنفوذ لينتهك حصانة محكمة دولية واستقلالها وهي المحكمة الجنائية الدولية، وهو من فرض العقوبات ضد قضاتها مستهترا بحصانتهم وبرسالتهم، وحاصرهم سياسيا بسبب أدائهم لمهامهم القضائية وتطبيقهم للقانون الدولي الجنائي، بعد أن أمروا بمتابعة وباعتقال مجرم الحرب نتنياهو زعيم الكيان الصهيوني، وبسبب رفضهم تمتيع المجرم نتنياهو من الإفلات من العقاب على ما ارتكبه من جرائم، مثل جريمة الإبادة ضد الشعب الفلسطيني”.

وشدّد هؤلاء المحامون على أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب “يسير بالعالم نحو المزيد من التوتر ومن الصراعات، ويقلب مفاهيم القانون الدولي الحقوقي والإنساني، ويشق بإصرار طريق حرب عالمية ثالثة، خصوصا بعد مشاركته مؤخرا في ضرب إيران إلى جانب جيوش الكيان، ومن هنا فإنه يمارس أعمالا ذات طبيعة عدوانية تتطلب فتح متابعات ضده من قبل المحكمة الجنائية الدولية؛ من أجل مشاركته مع عصابات الكيان المجرمين الفاعلين الأصليين في الجرائم المطلوب اعتقالهم من أجلها، التي تمت في حق غزة وفي حق الأطفال والنساء والمهَجرين وضحايا الاحتلال والاستيطان، فهو المساهم، والمشجع، والمحرض على العدوان والقتل والتجويع، وهو من يغدق بسخاء على الكيان الصهيوني العنصري الاستعماري الاستيطاني وعلى جيوشه كل أنواع الدعم بسلاح الدمار، ويشجعه على قتل الفلسطينيين وتدمير كل مظاهر العيش ومقومات الحياة، فضلا عن قطع المياه والمؤونة والأدوية الضرورية لمقاومة الأمراض والأوبئة، ووسائل العلاج، بما فيها الأدوية والآليات الطبية الاستعجالية والأساسية منها”.

وختمت الرسالة الموجهة إلى رئيس وأعضاء لجنة “نوبل” قائلة: “أنتم أوفياء لتاريخ الجائزة، ولمن وضعها، أنتم مُقَلدون بأمانة المحافظة على سمعتها وعلى مصداقيتها وهيبتها، أنتم مطالبون بمنح الجائزة لمن يستحقها عن حق، أي لمن لا سوابق جرمية له مخلة بالشرف وبالسلوك النزيه السوي، خصوصا إن كان المرشح رئيس دولة مثل الرئيس ترامب، الذي يشجع على حمل سلاح القتل والدمار، ويجند الطائرات المقاتلة والبواخر العاتية ليهاجم أراضي دول وقتل مواطنيها، أنتم باللجنة الدولية تعرفون من يستحق جائزة نوبل للسلام، أنتم من منحتم الجائزة وكرمتم المئات ومنهم هانري دونانت وفريدريك باسي سنة 1901، والمهاتما غاندي، ومارتن لوثر كينغ، ونيلسون مانديلا، ومنظمة العفو الدولية، والقس ديدمونت توتو، والدالاي لاما، ونادية مراد العراقة، والفتاة مالالا، والأمين العام كوفي عنان، والصليب الأحمر الدولي، ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين… وغيرهم”.

ثم أجملت: “لا بد ستنتبهون باللجنة الدولية للجائزة إلى أن ترشيح الرئيس ترامب وراءه أهداف أخرى، ووراءه لوبيات تريد تلميع وجه رئيس دولة كبرى وغسل تاريخه وتنظيفه بأكبر وسام إنساني، وتريد إبعاد الاتهامات عن طريق كبير تجار الحرب والرابحين من استمرارها لتصفية شعب بكامله ومسحه من الوجود، واستغلال أرضه كمنتزه”.

تجدر الإشارة إلى أن من مطالب المحامين الذين راسلوا “لجنة نوبل”: “إصدار قرار برفض ترشيح أو منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جائزة نوبل للسلام”، و”إصدار قرار بمنح جائزة نوبل للسلام لمن يستحقها من محبي ومن دعاء السلام الحقيقيين، ومن المناهضات والمناهضين للحروب والنزاعات المسلحة وقتل وإبادة وتجويع الإنسان… ومن نساء ورجال أو منظمات ومؤسسات تجمع احترام العالم وتقدير الإنسانية، أمثال فرانشيسكا ألبنيز والمحكمة الجنائية الدولية… وغيرهما من المئات من المرشحات والمرشحين للجائزة”.

كما ينبغي ذكر أن جائزة نوبل وخاصة فرعها الخاص بـ”السلام” لم يكن خارج الجدل عبر العقود، حيث سبق أن توّجت مخططين لحروب وساهرين على سياسات اعتبرتها منظمات حقوقية دولية مناهضة للإنسانية، من قبيل هنري كيسينجر في حرب فيتنام، والإسرائيليين مناحم بيغن وإسحاق رابين وشيمون بيريز، في إبادة الفلسطينيين وإرساء الفصل العنصري ضدهم، أو مستشارة ميانمار السابقة المتهمة بدعم اضطهاد الروهينغا سان سو تشي، أو الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الذي قاد حروبا عديدة، من بينها ما دمر دولا بأكملها وتماسكها الاجتماعي مثل ليبيا.

زر الذهاب إلى الأعلى