تورط شركات مغربية في منازعات ومناورات مالية يقلق “دركي الصرف”

علمت جريدة النهار من مصادر جيدة الاطلاع، بتكثيف فريق مراقبة لدى مكتب الصرف عمليات تدقيق نوعية في وثائق استثمارات مغربية بإفريقيا، بعد رصد مؤشرات اشتباه بتهريب أموال إلى دول إفريقية والإخلال بالتزامات إعادة توطين أرباح، رغم إدلاء شركات ومستثمرين مغاربة بوثائق ومستندات تفيد تورطهم في منازعات قانونية وقضائية مع جهات أصحاب مشاريع، خصوصا من القطاع العام، في بلدان بوسط وغرب القارة، حالت دون تحويل مقابل صفقات منجزة.

وأفادت المصادر ذاتها، توقف مراقبي مكتب الصرف خلال مهام افتحاص جارية لوثائق مدلى بها من قبل شركات، جرى استفسارها حول أسباب التأخر في إعادة توطين تحويلات مرخصة لتمويل مشاريع استثمارية، وأرباح محققة من خلال هذه الاستثمارات، عند تناقضات بين فواتير أداء أشطر عن صفقات وقيمة مبالغ موضوع طلبات ترخيص بالتحويل من حسابات في المغرب، موضحة أن أنشطة الشركات المعنية تركزت أساسا، في البناء والأشغال العمومية والتكنولوجيات الحديثة.

وأكدت المصادر نفسها، تقديم مستثمرين تبريرات أخرى بشأن عدم إعادة توطين تمويلات وأرباح بالمغرب، همت تأخر نضج مشاريع استثمروا فيها لم تصل بعد إلى مرحلة الربحية، وإعادة استثمارهم أرباحا لتوسيع أنشطة شركاتهم، وإدلائهم بفواتير تثبت نفقاتهم، مشددة على تقديم بعضهم وثائق تشير إلى عجز في حساباتهم، فيما لم يتمكن رجال أعمال ومستثمرين من تبرير عدم توطين الأرباح داخل الآجال القانونية، ما دفع مراقبي الصرف إلى التحقيق معهم بشأن مصير الأموال التي أُخرجت من المغرب للاستثمار، خصوصا أن عددا منهم أصبح يقيم في البلدان التي نفذت فيها الاستثمارات بصفة شبه اعتيادية.

ويشار إلى أن مكتب الصرف يشترط وفق مقتضيات المادة 169 من المنشور العام للصرف، في الشركات المغربية (الأشخاص المعنويين) الراغبة في الاستثمار بالخارج، أن تتوفر على ما لا يقل عن ثلاث سنوات من النشاط، وتكون حساباتها معتمدة دون تحفظ من قبل مفوض حسابات (Commissaire aux comptes)، فيما شدد على وجوب وجود علاقة بين الاستثمار المزمع إجراؤه في الخارج ونشاط الشركة، وأن يكون الاستثمار يهدف إلى تعزيز وتطوير هذا النشاط، ولا يتعلق بعمليات توظيف مالي أو أصول عقارية، بينما حدد “دركي الصرف” المبلغ المسموح به للاستثمار في الخارج، لكل شخص معنوي مقيم ولكل سنة مدنية، كما هو منصوص عليه ضمن المادة المذكورة، في 200 مليون درهم.

وكشفت مصادر الجريدة عن تجاوز قيمة هذه التحويلات المالية لأغراض الاستثمار في دول إفريقية، موضوع التدقيق، سقف 830 مليون درهم، منها 93 مليون درهم عبارة عن أرباح غير موطنة، من خلال تقديرات أولية لمراقبي مكتب الصرف، الذين تزايدت شكوكهم حول مصير هذه المبالغ، خصوصا بعد تلقي معلومات من مؤسسات رقابية شريكة على المستوى الدولي بشأن تحويلات مالية منسوبة لرجال أعمال مغاربة في إفريقيا، نحو “جنات ضريبية” باستغلال شركات “أوفشور”.

ولمحت معطيات أولي عن عمليات التدقيق الجارية إلى وجود شبهات تورط مستثمرين مغاربة في التلاعب بتحويلات مالية بالتواطؤ مع شركات محلية بالقارة السمراء، حيث اعتمد مخالفون على التدرع بمنازعات قضائية والإعلان عن عجز مالي وهمي في مشاريع، من أجل إخفاء أرباح وتجنب التصريح بها لسلطات الصرف، في سياق القفز على إعادة توطينها وفق المقتضيات والضوابط القانونية الجاري بها العمل.

Exit mobile version