أفادت مصادر عليمة لجريدة النهار بأن إشعارات واردة عن آمرين بالصرف في مؤسسات ومقاولات عمومية استنفرت مصالح المفتشية العامة للمالية، لتحرك عناصرها من أجل التدقيق في تفويت صفقات عمومية لمقاولين ذاتيين، تم تمريرها خارج الضوابط القانونية.
وأوضحت المصادر ذاتها أن تواتر حالات امتناع عن التأشير على هذه الصفقات كشف عن اختلالات في مساطر الإسناد.
وأكدت مصادرنا أن مهام التفتيش توجهت إلى صفقات همت، أساسا، أشغال الصيانة والصباغة والحراسة لفائدة مؤسسات عمومية، بعدما طالتها شبهات بشأن عدم تناسب حجمها مع شروط مضمنة في دفاتر التحملات الخاصة بها.
وشددت المصادر العليمة على أن تنفيذ هذه الصفقات يتطلب تشغيل عدد كبير من العمال؛ وهو ما يتعارض مع الإطار القانوني للمقاول الذاتي، الذي يمنعه من تشغيل مستخدمين والتصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وكشفت المصادر نفسها عن توقف المفتشين خلال عمليات الافتحاص الجارية عند إلزام شروط مضمنة في دفاتر تحملات مقاولين ذاتيين رست عليهم طلبات العروض بالوفاء بالتزاماتهم وتوفير الخدمات المطلوبة، من خلال التعاقد مع عدد من الأجراء المصرح بهم لدى صندوق “الضمان الاجتماعي”؛ وهو ما يتنافى مع الوضعية القانونية لفائزين بصفقات، حيث تفرض عليهم وضعيتهم القانونية والجبائية كـ”مقاولين ذاتيين” مزاولة نشاطهم بشكل فردي.
وحسب مصادر الجريدة، فإن عمليات التدقيق امتدت إلى الوضعية الجبائية لمقاولين ذاتيين، حيث جرى القفز على تضمين طلبات عروض شروطا بخصوص سلامة وضعيتهم في مواجهة مصالح مديرية الضرائب التي زودت المفتشين بمعطيات مرقمة بشأن تملص هؤلاء الملزمين من أداء واجباتهم الجبائية؛ ذلك أنه من أصل 430 ألف شخص مسجل فقط 6 في المائة (27 ألف شخص) يلتزمون بأداء مبالغ الضريبة المستحقة عليهم.
يشار إلى مصالح المراقبة والتحصيل لدى المديرية العامة للضرائب وجهت إشعارات بتسوية الوضعية الضريبية إلى عدد من المقاولين الذاتيين، قبل أن يتبين أن عددا منهم لا علم له باستغلال أختامه في صناعة وإنتاج فواتير مزورة، جرى توظيفها في تبرير تكاليف أشغال وخدمات، وتضمينها مبالغ مالية ضخمة، تجاوزت السقف السنوي لرقم المعاملات الخاضع لتضريب نظام “المقاول الذاتي”، المحدد في 500 ألف درهم بالنسبة إلى الأنشطة الصناعية والتجارية والحرفية، و200 ألف درهم لأنشطة تقديم خدمات.
وانعطفت مهام التدقيق، وفق مصادر جريدة النهار، نحو تواتر تسلل مقاولين ذاتيين إلى صفقات عمومية صغرى ومتوسطة، ولجوئهم إلى المقاولة بالباطن من أجل الوفاء بالتزاماتهم في هذه الصفقات، من خلال إقناع عمال، أغلبهم ينتمون إلى الوسط القروي ويتوفرون على مستوى تعليمي محدود، بالانخراط في نظام “المقاول الذاتي” والحصول على بطاقة المقاول وفتح حسابات بنكية وتحصيل دفاتر شيكات عنها، لغاية استعمالهم في المنافسة على عشرات طلبات العروض.
واعتبر المفتشون أن مساطر تفويت صفقات معيبة تستوجب الفسخ، منبهين لجان طلبات العروض إلى ضرورة إقصائهم المقاولين الذاتيين بشكل تلقائي، بحكم عدم استجابتهم للشروط التي يجب أن تتوفر في المنافسين على الصفقات العمومية التي أطلقوها، خصوصا تشغيل الأجراء والتصريح بهم لدى الأنظمة الاجتماعية، حيث ذكروهم بمقتضيات المادة الأولى من القانون رقم 114.13 المتعلق بنظام المقاول الذاتي التي تنص على أن “المقاول الذاتي هو كل شخص يزاول بصفة فردية نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو يقدم خدمات”.