قال خبراء في الشأن الفلاحي المغربي إن دعوة المملكة المغربية إلى إحداث صندوق دولي موجه إلى الأمن الغذائي في إفريقيا، كآلية أساسية لتعزيز السيادة الغذائية للقارة وتحرير إمكاناتها، “خطوة مهمة”، لكنها “بحاجة إلى المزيد من التوضيح”، حول “توفير إطار تنظيمي مماثل يعزز التعاون بين الدول الإفريقية والشركاء الدوليين، مع التركيز على دعم المشاريع الزراعية المستدامة”.
الاقتراح جاء على لسان أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، خلال مشاركته في أشغال التقييم الثاني لقمة الأمم المتحدة حول الأنظمة الغذائية بأديس أبابا، وهو ما أثار انتباه عدد من المتتبعين والمهنيين في القطاع الفلاحي، بالنظر إلى السياق القاري والدولي المتقلب المرتبط بالأمن الغذائي.
مبادرة مهمة
قال رياض أوحتيتا، خبير في المجال الزراعي، إن مقترح المغرب إنشاء صندوق دولي مخصص للأمن الغذائي في إفريقيا “يعكس وعيا عميقا بالإمكانات الطبيعية والتقنية التي تزخر بها القارة، فهي تمتلك مساحات زراعية شاسعة، وثروات مائية هامة، فضلا عن خصوبة التربة”، مسجلا أن “تثمين هذه المكتسبات الجغرافية والتقنية يحتاج إلى آليات تمويل مبتكرة”.
وأورد أوحتيتا، ضمن تصريح لجريدة النهار، أن “مقترح الصندوق مبادرة عملية وقابلة للتنفيذ”، مشددا على أن “المغرب، بحكم موقعه الريادي في مجال الفلاحة، ومروره من مرحلة جفاف قاسية نحو مرحلة تقاسم الخبرة، مؤهل لتولي دور محوري في تدبير هذا الصندوق، فهو فاعل رئيسي في مجال إنتاج وتوزيع الأسمدة، كما أنه قطع أشواطا متقدمة في رقمنة الفلاحة”.
وأكد المتحدث أن “الخبرة المغربية في المجال الزراعي باتت اليوم مرجعا قاريا، بفضل سياسات متراكمة وتجارب ميدانية واسعة، وهو ما يجعل من مساهمة المغرب في إطلاق وتدبير هذا الصندوق خطوة ذات مصداقية عالية وقيمة مضافة فعلية للقارة الإفريقية”، معتبرا أن “التجربة لم تعد ترفا أو خيارا، بل ضرورة حيوية لتحديث القطاع وتحقيق إنتاجية مستدامة”.
حاجة إلى التوضيح
قال محمد الدرقاوي، خبير في الشأن الفلاحي باحث سابق في المعهد الوطني للبحث الزراعي، إن الصندوق “فكرة مهمة”، لكنها بحاجة إلى “توضيح كاف لمعرفة كيفية استفادة المغرب منه، في سياق صرنا نتحدث فيه عن الأمن الغذائي والسيادة الغذائية”، مبرزا أن “الاكتفاء الذاتي في المغرب ما زال يواجه جملة من التحديات في ظل ندرة الموارد المائية”.
وأبرز الدرقاوي، ضمن تصريح لجريدة النهار، أن “المساهمات في الصندوق من المتوقع أن تكون محدودة، كما أن استفادة البلدان ستكون وفق خطّ المساهمة”، معتبرا أن “الوضع المغربي سيكون أفضل إذا تحققت الاستفادة المرجوة منه، خصوصا في ظل الإشكالات التي يعرفها تقسيم الأراضي بالمغرب، وصعوبة استدماج الإمكانات التقنية في الأراضي الصالحة للزراعة”.
واعتبر الخبير نفسه أن “الصندوق التفاتة سياسية، وإحداثه سيكون بمثابة خطوة رمزية، لا سيما أمام ظهور تحديات التمويل”، مشددا على أن “المغرب يمكنه الترافع عن الصندوق، غير أنه سيظلّ مطالبا بشكل دائم بالاعتماد على موارده وخلق التوازن بين توفير العملة الصعبة والاستيراد، وطرح برنامج شامل يتطرق إلى مشاكل الأراضي الزراعية، والفلاح، والتقنيات التي لا تصل إلى المهنيين بشكل كاف”.