تحسن المناخ وتراجع الأمراض ينعشان محصول التمور في واحات المغرب

مع بدء نضوج التمور بعدد من الواحات المغربية، خلال الأسابيع القلية الماضية، خصوصا في ظل الارتفاع المسجّل في درجات الحرارة، طمأن مهنيون بمناطق مغربية مختلفة “بارتفاع لافت للإنتاج متوقّع هذا الموسم بالمقارنة مع سابقه”، فيما تحدّث بعضهم عن “نسبة زيادة مرتقبة قد تصل إلى 50 في المئة”.

وفسّر المهنيون، في حديثهم لجريدة النهار، هذه الوضعية المطمئنة بـ”آثار التساقطات المطرية التي كانت شهدتها المناطق الواحية المغربية، خصوصا مطلع شتنبر الماضي؛ فأعادت مجموعة من أصناف النخيل للإنتاج، وكذا تراجع انتشار الأمراض المتلفة للمحصول”، فضلا عن “دخول الضيعات الفلاحية التي تمّ غرسها في إطار مخطط المغرب الأخضر على خط الإنتاج”.

إنتاج وافر

سجّل عبد البر بلحسان، رئيس الفيدرالية المغربية لتسويق وتثمين التمور، أن “إنتاج التمور سوف يكون مرتفعا خلال هذا الموسم، خصوصا أن التساقطات المطرية الي هطلت في شتنبر الماضي خلّفت آثارا إيجابية على الواحات”.

وتحدّث بلحسان، في تصريح لجريدة النهار، عن “عودة مجموعة من الأصناف ذات الشعبية في صفوف الموطنين المغاربة إلى التواجد بوفرة داخل الواحات، بعد شبه افتقادها لسنوات”، مشيرا في هذا الصدد إلى “بوستحمي والجيهل وبوسليخن، التي سوف تكون متواجدة بالأسواق المغربية بوفرة”.

ولفت الفاعل المهني نفسه إلى دور تراجع انتشار الأمراض التي تتسبب في ضياع محاصيل التمور في وفرة الإنتاج هذه السنة، وقال: “هذه الآفات المرتبطة بالجفاف، كتلك التي تخلّفها الرتيلة (غبار كثيف يحول دون صلاحية التمر للاستهلاك)، وكذلك الحشرة القشرية، غيرة منتشرة على نطاق كبير كما في المواسم السابقة”.

وبشأن التأثير المرتقب لهذه الوضعية على أسعار تسويق التمور الذي يبلغ ذروته بدءا من أكتوبر، وضّح رئيس الفيدرالية المغربية لتسويق وتثمين التمور أنه “يصعب الحديث عن أسعار مرجعية بالنسبة للأصناف المذكورة التي عادت إلى السوق بعد غياب”، مشيرا إلى أن “أثمانها في نهاية المطاف تتأرجح عادة بين 15 و35 درهما للكيلوغرام الواحد”.

وشدد بلحسان على أن الأصناف الجيدة كالفقوس والمجهول “سوف تشهد كذلك زيادة ملحوظة في الإنتاج”، خاصا بالذكر “محصول المجهول الذي سوف يستفيد من عاملين؛ أولهما تحسن الظروف المناخية، وثانيهما دخول ضيعات جديدة من تلك المندرجة ضمن البرنامج الذي همّ غرس 12 ألف هكتار على مراحل على خط الإنتاج”.

وكانت وزارة الفلاحة قد وقعّت على “عقد-برنامج جديد للجيل الأخضر للفترة 2023-2030″، بميزانية تقارب 7,5 مليارات درهم. ومن بين أهداف البرنامج، غرس 5 ملايين شتلة، منها 3 ملايين شتلة على مستوى الواحات التقليدية، وتوسيع المساحة خارج واحات النخيل التقليدية بـ14 ألف هكتار لتصل إلى 21 ألف هكتار، وتحسين الإنتاج ليصل إلى 300 ألف طن من التمور بمختلف الأصناف.

شروط قائمة

بخصوص واحات وضيعات زاكورة سجّل ماجد عبد السلام، مهني صاحب وحدة لتثمين التمور، أن “الإنتاج وافر هذه السنة”، مشيرا إلى أن “تبعات الجفاف على معظم الواحات تلاشت بعد التساقطات المطرية المسجّلة بداية الموسم”.

وقدّر عبد السلام، في تصريح لجريدة النهار، بدوره، أن “يزيد إنتاج التمور هذا الموسم بنسبة 50 في المئة مقارنة بالموسم الماضي”، مشيرا إلى أن “معظم النخيل الذي نجح في مقاومة الجفاف يعد بإنتاج متميّز، رغم أن الجودة قد تكون منخفضة نسبيا، خصوصا أن النخلة بصدد خروج غير بعيد من الجفاف”.

وأكدّ صاحب وحدة تثمين التمور بزاكورة أن “الأمراض التي كانت تتسبب فيها الحشرات، كالعنكبوت، خلال السنوات الماضية، نادرة إلى منعدمة هذه السنة بواحات المنطقة”.

وقال: “بما أن الفرشة المائية للمنطقة سليمة، والموارد المائية موجودة، فإنه إذا تمّ سقي النخيل في شهري يوليوز وغشت حين يطوّر النخيل إنتاجه بفعل ارتفاع درجات الحرارة، فإن المحاصيل سوف تكون وافرة جدا بلا شك”.

أما بخصوص الأسعار، فسجّل عبد السلام أنه “لا بد أن تنخفض في نهاية المطاف بالمقارنة مع السنة الماضية”، مقدّرا: “ربما تبلغ نسبة الانخفاض 10 في المئة”.

واستدرك المهني نفسه بأن “أثمان التمور سوف ترتبط بالجو العام للأسعار، على أنها أساسا لم تسجّل أي زيادات لافتة خلال الموسم الماضي، رغم الغلاء الذي تمّ تسجيله في غالبية المنتجات والمواد الاستهلاكية”، لافتا أيضا إلى “محدد العرض والطلب”.

ولم تفت صاحب وحدة تثمين التمور بزاكورة الإشارة كذلك إلى أن “استقرار الأسعار سوف يظل مرتبطا أيضا بعدم حدوث أي ظروف مناخية طارئة وسط الموسم، مثل الأمطار الطوفانية التي تتلف الثمار فيخفض العرض”.

Exit mobile version