
مجلس المنافسة: 9 شركات كبرى تهيمن على 84% من سوق المحروقات
أنهى تقرير صادر عن مجلس المنافسة سنوات من الغموض بشأن الربحية الحقيقية لموزعي المحروقات في المغرب، بعدما كشف عن ارتفاع مهم في الهوامش الصافية خلال 2024، مؤكدا الطابع الربحي العالي لهذا القطاع رغم استمرار التقلبات في البيئة الدولية.
وأفاد مجلس المنافسة في “تقرير الربع الأول من 2025 وتحليل مؤشرات الأداء المالي برسم سنة 2024 لشركات توزيع (الكازوال) والبنزين بالجملة، المعنية باتفاقات الصلح المبرمة مع المجلس”، بأن سوق المحروقات المغربي (الكازوال والبنزين)، الذي تهيمن عليه تسع شركات رئيسية، حقق رقم معاملات إجماليا بلغ 77.9 مليار درهم خلال السنة الماضية، بصافي أرباح إجمالية قاربت 2.3 مليار درهم، مشيرا إلى أن متوسط هامش الربح الصافي بلغ 2.9 في المائة على مستوى السوق ككل، أي ما يعادل 43 سنتيما في اللتر من الكازوال، و61 سنتيما في اللتر من البنزين.
وشكل هذا المستوى، حسب تقرير مجلس المنافسة، قفزة ملحوظة مقارنة بمتوسط السنوات الثلاث الماضية (1 في المائة)، وقطيعة مع فترة عدم الاستقرار الشديد بين 2022 و2023، مؤكدا أنه في 2022، أدت موجة ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي وتقلبات السوق إلى تآكل ربحية الموزعين، حيث تراجع هامش الربح الصافي إلى 0.6 في المائة، في حين أثقلت السنة ما قبل الماضية بدفع الغرامات التي فرضها المجلس نفسه إثر اتفاقات تسوية.
وقد سلط التحليل البنيوي الذي أجراه مجلس المنافسة الضوء على الديناميات الداخلية للقطاع؛ ذلك أنه رغم بقاء عدد الشركات الحاصلة على ترخيص الاستيراد ثابتا (31 فاعلا)، إلا أن حصة السوق للشركات التسع الكبرى تراجعت من 89 في المائة سنة 2023 إلى 84 في المائة سنة 2024 لصالح وافدين جدد، مثل “BGN Energy Maroc” و”BB Energy” و”Appollo Petroleum”، فيما رافق هذا التحول تجدد المنافسة، ليس فقط على مستوى الهوامش، بل أيضا على صعيد قدرات التخزين وتوسيع شبكة التوزيع.
وحسب التقرير الجديد، بلغت القدرة الوطنية المعلنة للتخزين 1.15 مليون طن، بزيادة قدرها 7.4 في المائة مقارنة بسنة 2023. أما شبكة التوزيع، فقد بلغت في نهاية السنة الماضية نحو 3534 محطة وقود، 72 في المائة منها تحت سيطرة الفاعلين التسعة الرئيسيين. وفي الوقت نفسه، قفزت كميات المبيعات بنسبة 3 في المائة لتصل إلى 7.3 مليارات لتر، ما يعكس تأثير حجم المبيعات أكثر من تأثير الأسعار في الأداء المالي المجمّع للقطاع.
تفاوت الأرباح
سلط تقرير مجلس المنافسة الضوء أيضا على الفرق البنيوي بين نوعي الوقود؛ ذلك أنه خلال السنة الماضية، بلغ متوسط الهامش الصافي 43 سنتيما في اللتر بالنسبة إلى الكازوال، مقابل 61 سنتيما في اللتر للبنزين، مؤكدا أن هذا التفاوت يعزى إلى مجموعة من العوامل، منها اختلاف تكاليف التوريد، والضرائب الخاصة، وأيضا السياسات التجارية التي تستهدف القطاعات الأكثر ربحية.
وقد أكدت النتائج الأولية للربع الأول من سنة 2025 هذا الاتجاه؛ إذ بلغ متوسط الهامش التجاري الإجمالي 1.24 درهم/لتر للكازوال، و1,95 درهم/لتر للبنزين، مع تسجيل ذروات بلغت 2.11 درهم/لتر. ورغم الانخفاض الطفيف في الأسعار الدولية، إلا أن أسعار البيع التي يطبقها الموزعون على محطات الوقود الشريكة ما تزال مرتفعة، ما يعمق الفجوة مع تكلفة الشراء بدون ضرائب.
وأضاف التقرير أنه رغم تسجيل السنة الماضية عودة قوية إلى الأداء المالي الجيد على مستوى القطاع؛ إذ بلغ العائد على رأس المال المستثمر 30في المائة (ROCE)، وعائد حقوق المساهمين 29 في المائة (ROE)، إلا أن هذه النسب يجب قراءتها في ظل تفاوتات كبيرة بين الفاعلين، حيث أوقفت بعض الشركات، التي كانت من بين الأكثر سخاء في توزيع الأرباح، هذه التوزيعات في 2024، ما أدى إلى تراجع متوسط معدل توزيع الأرباح إلى 41 في المائة (مقابل 87 في المائة خلال الفترة بين 2018 و2021).
وكشفت الدراسة الطولية عن انخفاض في الربحية على المدى المتوسط: عند مقارنة الفترتين بين 2018 و2021، وبين 2022 و2024، ليتبين أن متوسط هامش الربحية انخفض إلى النصف (من 3.7 في المائة إلى 1.8 في المائة)، رغم أن مستوى الاستثمار ظل مستقرا في حدود 1.3 مليار درهم سنويا، مشددة على أن الأداء الجيد المسجل في 2024 لا يكفي لإعادة إحياء دينامية مستدامة وطويلة الأمد.