“الرياضة والسياسة في المغرب بين الضبط والمقاومة.. كرة القدم نموذجا” كتاب جديد للباحث يوسف دعي يهتم بتقاطعات الرياضة والسياسة بالمغرب، مدافعا عن أن كرة القدم قد “تحوّلت أداة سياسية وثقافية بامتياز، تستغلها الأنظمة والدول لأغراض تتعدى الترفيه والرياضة إلى بناء الهوية، وتوجيه الرأي العام، وتلميع الصورة”.
الكتاب، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يتحدّث عن زمنين وتحوّلٍ؛ فبينما في “سنوات الرصاص” كانت كرة القدم وسيلة “لإنتاج الإجماع الوطني وتنفيس التوترات” قلبت تحولات ما بعد عام 2011، “خصوصا مع تصاعد الحركات الاحتجاجية، المعادلة وجعلت الملاعب فضاءات للاعتراض والرفض”.
ومن بين ما يهتم به الكتاب تحوّل مجموعات “الألتراس” الشبابية، ذات الطابع التشجيعي، من “كيانات رياضية إلى حركات تعبّر عن غضب اجتماعي وسياسي، وتجسّد ثقافة فرعية مقاومة للهيمنة الرسمية”. وبذلك، “دخلت كرة القدم مجالا متنازعا عليه بين الدولة والمجتمع، إذ لم تعد السلطة وحدها تحتكر توظيف العاطفة الجماعية أو الرموز الوطنية”، وفق تقديم العمل الجديد.
وكشف المؤلف، حسب تقديمه، تحوّل الألتراس في المغرب إلى “فاعل شبابي متمرد، ينتج ثقافة سياسية فرعية تتحدى الرمزية السلطوية”؛ فعبر “الغناء الجماعي، والغرافيتي (الجداريات)، وطقوس التشجيع، تشكّلت هوية جماعية، تعكس انتماء بديلا ورفضا صريحا للسلطة”، وهو “وعي” أدّت “وسائل التواصل الاجتماعي دورا محوريّا في تعزيزه، ومراكمة سردية احتجاجية متجددة”.
ومن بين ما أظهره كتاب “الرياضة والسياسة في المغرب بين الضبط والمقاومة” أن السلطة “على الرغم من محاولاتها الحثيثة لاحتكار رمزية كرة القدم، لم تعد قادرة على استغلال العاطفة الجماعية كما في السابق”؛ لأنه “بعد عام 2011، باتت مجموعات الألتراس تنافس الدولة على التحكم في الخطاب الرمزي، وحوّلت الملاعب من منصات للفرجة إلى ميادين للاحتجاج. وقد بلغ هذا التوتر ذروته عام 2016، حينما تحوّلت المدرجات إلى منابر لمعارضة وزارة الداخلية. وهذا أشار إلى تصاعد حدة المواجهة بين الطرفين”.
وشدّد الكتاب الجديد، حسب تقديمه، على أن “الرياضة ليست مجالا محايدا؛ بل هي ميدان للصراع الرمزي، حيث تتواجه الهيمنة الرسمية بثقافات فرعية تعيد صوغ المعنى والانتماء”. ومن هنا: “برزت ضرورة إعادة النظر في موقع كرة القدم ضمن العلوم الاجتماعية والسياسية، ليس بصفته رياضة فحسب؛ بل من حيث هو مساحة للسلطة والمقاومة والتعبئة”.