
ظِلٌّ عَلَى العُشْب .. قصيدة حسن نجمي في وداع الأسطورة أحمد فرس
خصّ الشاعر المغربي حسن نجمي جريدة جريدة النهار الإلكترونية بقصيدة جديدة مهداة إلى روح أسطورة الكرة المغربية أحمد فرس، تخليدًا لذكراه وتكريمًا لمسيرته التي أضاءت سماء الرياضة الوطنية والإفريقية.
ظِلٌّ عَلَى العُشْب
لذِكْرَى أحمد فَرَاسْ
كانَ يَرْكُضُ كما لَوْ أَنَّ الرِّيحَ تَعْرِفُهُ
خفيفًا كأنَّ جَسَدَهُ
كان فكرةً عن الجَرْيِ
لم يكُنِ الهدفُ ينتظرُ الكرةَ
كانَ ينتظرُهُ هُو
وحين كان يُسجِّل
لم يكنْ يصرُخُ
كانَ يبتسمُ فحسب
كما يبتسمُ مَن يَّعرِفُ أنَّ المَجْدَ
ليس أكثَرَ منْ لَحْظَةٍ
تمرُّ في الهَوَاءِ
أحمد فَرَاسْ
اِسْمٌ في النَّشيدِ القديم
الذي لم أكنْ أحفظُ كلماتِهِ
لكنني كنْتُ أَهْتِفُ بِهِ
كلّما تحَرَّكَ في المَيْدَانِ
كمن يكتُبُ
قَصِيدَةً بِقَدَمٍ منَ الجَنَّةِ
لقد فازَ بالذَّهَبِ –
نعم،
مرّةً
كأنّ العالم تذكّرَهُ للحظةٍ
ثم انصرَفَ إلى نِسْيانِهِ
اليومَ، سَقَطَ ظِلُّهُ
على العُشْبِ الأخضرَ
سيعرِفُ الملعبُ أنه لن يمُرَّ منْ هُناكَ ثانيةً
ماتَ البَطَل
لكنَّهُ لن يُّنسَى
هو هناك
في إعادةٍ بطيئةٍ
لهدَفٍ مَهيبٍ ومُدَرَّجَاتٍ تهتزُّ
في صُوَرٍ مغبرّةٍ
بالأبيضِ والأسْوَدِ
في مَتْحَفِ الكَوْنِ
في هُتافٍ بَعيدٍ
يعودُ مكلومًا إلى شَوَارِعِ البِلادِ
سيكتُبُونَ عَنْهُ الكثيرَ
عَمَّا فَعلَهُ بِقَدَمٍ كَتبَتِ الشِّعْرَ والأغنياتِ
سيَذْكُرونَ الكُرَةَ الذَّهَبَ
والكأْسَ
وشارةَ العميد
وسأتَذَكَّرُهُ بقَلْبٍ لم يُهزَمْ
انْزَلقَ بِهِ الزَّمنُ فَجْأةً
كما تفعلُ الكُرَةُ
حينَ تُغيِّرُ اتِّجَاهَهَا
في الَّلحْظَةِ الأَخِيرَةِ
لكن ما لا يَعْرِفُهُ المَوْتُ
هو أنَّ بعضَ الجُسُومِ
تُواصِلُ الرَّكْضَ بعدَ الرَّحيل
وأن الظلالَ تستطيعُ أن تُراوغَ الوقتَ
وأنّ صيحاتِ المتفرجينَ
تستمرُّ في الهواءِ
حتى بعد أن يَفرُغَ المَلعَبُ
وتُطْوَى الرَّايَات
أحْمَدْ فَرَاسْ
لن يُّدْفَنَ كلُّهُ اليَوْمَ
ثمةَ شيءٌ منْهُ
تَسَلَّلَ إلى اسْتِدَارَةِ الكُرَةِ
والآنَ
كلّما تَدَحْرَجَتِ الكرةُ في أرضٍ
في حَيٍّ صغيرٍ
وفي ملعَبٍ حَاشِدٍ
سَتَعْلُو فَوْقَ العَالَمِ
كم ستُحَلِّقُ قصيدَةٌ
بَحْثًا عنْ شَاعِرِهَا الأَخِير
وستُمْسِكُ، تلكَ الكُرَةُ، بالعَدَمِ
لِتَجْعَلَهُ يُضِيءُ إِلَى الأَبَد