أكد سيرغي تسيفيليف، وزير الطاقة الروسي، في كلمة له أمام “مجلس الدوما”، أن موسكو تُجري مفاوضات مع دول عديدة مستوردة للفحم الروسي من أجل التحول إلى تسوية مدفوعات توريد الفحم باستخدام العملات الوطنية بدلا من العملات الأجنبية التقليدية، حسب ما أفادت به وكالات ووسائل إعلام في روسيا.
ونقلت المصادر ذاتها عن المسؤول الروسي أن هذا التوجه يأتي في ظل ارتفاع تكلفة المعاملات الحالية والقيود الناجمة عن العقوبات الغربية على موسكو، مشيرا إلى وجود مفاوضات مع كل دولة بشكل منفصل وإلى إحراز تقدم في المفاوضات مع بعض هذه الدول، معترفا في الوقت ذاته بوجود تحديات تعترض التحول إلى التسوية بالعملات الوطنية بالنسبة لبعض الشركاء التجاريين لروسيا.
وأفاد وزير الطاقة الروسي بأن الصين والهند وتركيا وكوريا الجنوبية، إلى جانب فيتنام والمملكة المغربية، كانوا من ضمن المستوردين الرئيسيين للفحم الروسي خلال العام الجاري، مشيرا إلى نجاح التحول إلى اعتماد العملة الوطنية مع كل من الهند والصين، حيث يتم التعامل بالروبل واليوان والروبية؛ مما يقلل الاعتماد على الدولار واليورو.
ولفت إلى أنه من الممكن القيام بشيء مماثل مع تركيا، حيث يجري العمل حاليا على التسويات بالليرة والروبل. أما بالنسبة لبعض الدول ذات العملات غير المستقرة أو ذات السيولة المنخفضة في السوق الروسية، مثل فيتنام ومصر والمغرب، فإن تحويل المعاملات التجارية المتعلقة بالفحم، الذي ما زال يوفر ثلث إنتاج الكهرباء في العالم، يبدو أكثر صعوبة، على الرغم من إمكانية مساهمته في تقليل مخاطر الرقابة النقدية، وتقليل تكاليف المعاملات، وتعزيز الاستقرار المالي.
وأكدت الحكومة الروسية، في وقت سابق من هذا العام، على لسان أليكسي أوفيرشوك، نائب رئيس الوزراء الروسي، أن حصة التسويات بالعملات الوطنية في التجارة الخارجية لموسكو نمت في العام الماضي نحو ثلاثة أضعاف مقارنة بسنة 2020، مبرزا أن بلاده نجحت في التخلي عن الدفع بالدولار واليورو بأكثر من 79 في المائة، بعدما استُعمل الدولار كسلاح اقتصادي ضد الاتحاد الروسي.
وسجل المسؤول الروسي ذاته أن أكثر من 95 في المائة من التسويات مع الصين تتم بالعملات المحلية، أي الروبل واليوان، ومع دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بحوالي 93 في المائة، ثم مع الهند بقرابة 90 في المائة.
وتفاعلا مع سؤال حول الصعوبات التي تواجه التحول إلى تسوية مدفوعات توريد الفحم أو منتجات أخرى من روسيا إلى المغرب باستخدام العملات الوطنية، أكد رشيد ساري، خبير في الشؤون الاقتصادية الدولية، أن “هناك توجها روسيا من خلال دول مجموعة البريكس إلى تعزيز المعاملات التجارية بالعملات المحلية لتقليل الاعتماد على الدولار واليورو، وقد نجحت هذه التجربة إلى حدٍّ كبير مع الصين، إلا أنها تواجه إكراهات مع دول أخرى، من ضمنها المغرب”.
وأضاف ساري، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “توجه المغرب إلى اعتماد الدرهم والروبل في معاملاته التجارية الخارجية مع روسيا سيساهم من الناحية النظرية في الرفع من مستوى التبادل التجاري بين البلدين بالنسبة لجميع السلع والمنتجات التي يشملها هذا التبادل، وسوف يحرر هذه المعاملات من الضغوط المالية الدولية المرتبطة بالاعتماد على اليورو والدولار”.
وزاد المتحدث عينه: “عمليا، هناك إكراهات؛ منها ما هو مرتبط بعدم استقرار الروبل الروسي نتيجة العقوبات الغربية على موسكو، وارتباط الدرهم المغربي بنظام صرف يقوم على سلة من العملات تتوزع بنسبة 60 في المائة لليورو و40 في المائة للدولار الأمريكي، وهي عوامل تكبح التوجه نحو مدفوعات التوريد من روسيا باستخدام العملات الوطنية”.
وشدد الخبير في الشؤون الاقتصادية الدولية على أن “هذا الأمر ممكن بالنسبة للواردات؛ لكن من الصعب جدا الحديث عنه فيما يخص الصادرات، خاصة في ظل الإكراهات التي تواجه المغرب على المستوى المالي والنقدي الدولي، والتزامات المملكة على هذا المستوى، إلى جانب استمرار هيمنة الدولار واليورو على معظم المبادلات التجارية الدولية للمغرب، الشيء الذي يضعه في مواجهة تقلبات سعر الصرف وارتفاع تكلفة الحصول على هذه العملات؛ وهو ما يدفع المغرب، في كثير من الأحيان، إلى اللجوء إلى الاقتراض الخارجي”.