تحديث قائمة “الدول الآمنة” يُربك ألمانيا

أثار توجّه الحكومة الائتلافية في برلين، بقيادة المستشار فريدريش ميرتس، نحو تحديث قائمة بلدان المنشأ الآمنة لتشمل المغرب ودولًا أخرى، بموجب مرسوم حكومي، دون الحاجة إلى موافقة مجلس الولايات (البوندسرات)، جدلًا سياسيًا واسعًا وانقسامًا حادًا بين الحكومة والمعارضة في هذا البلد؛ ففي وقت تسعى حكومة ميرتس إلى إحداث تحوّل في سياسات اللجوء من خلال قطع الطريق أمام مواطني عدد من الدول الثالثة للحصول على اللجوء في ألمانيا، تعتبر المعارضة أن هذا التوجه ينطوي على تهديد لمبادئ دولة القانون، متهمة الائتلاف الحاكم باتباع أساليب سلطوية شبيهة بتلك التي تبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وتسعى الحكومة الألمانية، المكوّنة من الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، إلى تصنيف ثلاث دول شمال إفريقية، وهي المغرب والجزائر وتونس، إلى جانب الهند، كـ”دول منشأ آمنة”، وذلك عبر ما اعتُبر “مناورة قانونية” للالتفاف على اعتراضات “حزب الخُضر” المعارض لهذا التوجه داخل “البوندسرات”، الذي يمتلك فيه أصواتًا كافية لفرض “فيتو” على الحكومة، خاصة أن الحكومة السابقة بقيادة أنجيلا ميركل سبق أن فشلت في تمرير قرار تصنيف هذه الدول المغاربية الثلاث بسبب معارضة الخُضر آنذاك.

إعلان تحديث قائمة "الدول الآمنة" يُربك ألمانيا

وسجّل “حزب الخضر” المعارض، ضمن بيان له، اطلعت عليه جريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن هذا التوجّه الحكومي غير سليم من الناحيتين الدستورية والسياسية، معتبرًا أن “توجّه الحكومة يذكّرنا بشكل مقلق بأسلوب ترامب في الحكم من خلال المراسيم”، مشيرًا في الوقت ذاته إلى رأي قانوني كان نصّ على أن تحديث قائمة دول المنشأ الآمنة يجب أن يمرّ وجوبًا عبر الهيئات التشريعية والدستورية.

وقالت فيليز بولات، خبيرة شؤون الهجرة وعضو الحزب المعارض سالف الذكر، في تصريحات إعلامية، إن “تصرف الحكومة يزعزع دعائم مبدأ سيادة القانون في ألمانيا”، مبرزة أن “مشاركة المؤسسات الدستورية في اتخاذ هكذا قرارات ليست إجراءً شكليًا مزعجًا، بل هو التزام دستوري”.

من جهتها تدافع الحكومة عن توجهها الذي تعتبر أنه سيمكن من معالجة طلبات اللجوء المقدمة من رعايا دول المغرب والجزائر وتونس بشكل أسرع، التي ستواجه الرفض في الغالب، إذ قال ألكسندر دوبريندت، وزير الداخلية الألماني، إن “هذا الإجراء سيُسرّع معالجة طلبات اللجوء غير المبررة في كثير من الحالات لمهاجرين قادمين من هذه الدول”. وتتحجّج حكومة ميرتس بأن إجراءاتها تتماشى مع واقع أن نسبة ضئيلة فقط من المتقدمين من هذه الدول تحصل على حق اللجوء وفقًا للمادة 16 من الدستور الألماني.

وفي سياق ذي صلة قال ديرك فيزه، عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي المشارك في الحكومة، في تصريح صحفي، إن “هذا التبسيط والتسريع في إجراءات اللجوء عبر تحديث قائمة بلدان المنشأ الآمنة من شأنه أن يخفف الأعباء عن القضاء والسلطات في الولايات، بل عن المتقدمين بطلبات اللجوء أنفسهم الذين سيحصلون على إجابات واضحة وبسرعة أكبر”، فيما انتقدت منظمات حقوقية هذا التوجّه الذي اعتبرت أنه “سيُصعّب على الأشخاص المُعرّضين للخطر في الدول التي تُصنّف آمنة الحصول على الحماية”.

ومن شأن وضع المغرب ضمن قائمة بلدان المنشأ الآمنة أن يُسهّل عمل وكالة الهجرة واللاجئين الألمانية (BAMF) وأن يُقلّص بشكل كبير فرص حصول مغاربة على اللجوء في ألمانيا ويزيد من عمليات الترحيل، إذ ترفض الوكالة في الغالب الأعم طلبات اللجوء المُقدّمة من مواطني الدول المصنّفة على هذا النحو. وتضم القائمة الألمانية الحالية للدول الآمنة كلا من: ألبانيا، البوسنة والهرسك، غانا، كوسوفو، مقدونيا، مونتينيغرو، السنغال، صربيا، إلى جانب كل من جورجيا ومولدوفا.

زر الذهاب إلى الأعلى