التفتيش اليدوي يثير الجدل بين المستوردين والجمارك في معبر الكركارات

عبر عدد من المستوردين المغاربة الذين يتعاملون مع السوق الإفريقية عن استيائهم من تشديد إجراءات التفتيش الجمركي في معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا، مؤكدين أن السلطات الجمركية في المعبر كثفت من عمليات التفتيش اليدوي للشاحنات القادمة من دول إفريقيا في اتجاه المغرب، رغم وجود ماسح ضوئي (جهاز سكانير)، ومعتبرين أن هذا الأمر يضطر الشاحنات إلى التوقف لساعات طويلة في انتظار استكمال إجراءات التفتيش، ما يزيد من تكاليف النقل ويُعرض المنتجات الحساسة للتلف، خاصة تلك التي تتطلب ظروف تخزين خاصة.

وسجل المستوردون الذين تحدثوا لجريدة النهار في هذا الشأن أن عمليات التفتيش اليدوي للشحنات تضطرهم إلى دفع مبالغ مالية إضافية للعمال أو أصحاب الرافعات الذين يتكلفون بتفريغ وإعادة تحميل محتويات الشاحنات بشكل يدوي، وهو ما يشكل عبئًا ماليًا عليهم وينعكس سلبًا على أسعار المنتجات المستوردة من إفريقيا في الأسواق المحلية.

الفائدة المرجوة

قال محمد زمراني، رئيس الجمعية المغربية لمصدري مختلف السلع نحو إفريقيا والخارج، إن “المستوردين المغاربة من إفريقيا يعانون من إشكال كبير في معبر الكركرات بسبب اعتماد التفتيش اليدوي رغم وجود ماسح ضوئي متطور يمكن أن يُغني عن هذا الإجراء المتعب والمُكلف”.

وذكر المتحدث ذاته، في حديث مع جريدة النهار، أنه “من غير المفهوم ما هي فائدة هذا التفتيش اليدوي الذي يعرقل حركة الشاحنات ويتسبب في ضياع الوقت، وأحيانًا كثيرة تلف السلع سريعة التلف، مع ما يعنيه ذلك من خسائر مادية يتكبدها المستوردون”، مسجّلًا أن “أرباب الشاحنات يضطرون إلى دفع مبلغ إضافي يتجاوز 2000 درهم لليد العاملة من مالهم الخاص من أجل تفريغ وإعادة شحن البضائع التي ستخضع للتفتيش اليدوي من لدن أعوان الجمارك، إضافة إلى 2000 درهم أخرى لأرباب رافعات الشحن”.

واعتبر رئيس الجمعية المغربية لمصدري مختلف السلع نحو إفريقيا والخارج أن “المهنيين سبق أن راسلوا السلطات المعنية من أجل إيجاد حل لهذا المشكل، لكن لم تَلْقَ مطالبهم أي تفاعل”، مشيرًا إلى أن “المصدرين والموردين سبق أيضًا أن اقترحوا شراء رافعات شحن من مالهم الخاص ووضعها تحت تصرف إدارة المعبر لتوفير انسيابية في حركية الشاحنات، غير أن هذا العرض بدوره لم يَلْقَ أي تفاعل من طرف الجهات المعنية”.

ولفت المتحدث ذاته الانتباه إلى أن “معبر الكركرات رغم كونه المعبر البري الوحيد بين المغرب وعموم إفريقيا يفتقر إلى بنية تحتية أساسية لتأمين سلامة المنتجات المستوردة سريعة التلف، إذ يفتقر إلى غرفة مخصصة لتخزين هذه المنتجات في ظروف مناسبة أثناء عمليات التفتيش، فتُترك على الأرض وفي ظروف غير ملائمة ولساعات طويلة في انتظار التفتيش، ما يؤدي إلى تدهور جودتها وتلف بعضها قبل بلوغ وجهتها النهائية”.

تدخلات انتقائية

أكد مصدر جمركي مسؤول بمعبر الكركرات، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “اللجوء إلى عملية التفتيش اليدوي للبضائع والمنتجات المستوردة عبر معبر الكركرات يتم بشكل انتقائي، إذ تعتمد السلطات الجمركية على تحليل دقيق للمخاطر لتحديد الشحنات التي تستدعي هذا النوع من التفتيش، يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المؤشرات المرتبطة بطبيعة البضائع، والجهات القادمة منها، وكذا السجلات السابقة للامتثال الجمركي؛ كما قد يتم اللجوء إلى هذا الإجراء في حال التوصل بمعلومات أو وجود شكوك حول إحدى الشحنات”.

وأوضح المصدر ذاته أن “عملية التفتيش اليدوي تتم لدواعٍ وهواجس أمنية بالدرجة الأولى، وفي إطار الجهود المبذولة من طرف إدارة الجمارك لمحاربة التهريب والأنشطة غير المشروعة”، مبرزًا أن “عناصر إدارة الجمارك يؤدون واجبهم المهني ويتخذون مختلف التدابير التي تهدف إلى ضمان سلامة المعاملات التجارية وحماية الاقتصاد الوطني”.

وأكد المتحدث أن “كافة عمليات العبور عبر معبر الكركرات، سواء ما يتعلق بالمركبات أو الأشخاص، تخضع لكشوف دقيقة باستخدام أحدث التقنيات، إذ تعتمد إدارة الجمارك بشكل رئيسي على ماسح ضوئي كبير ومتطور لفحص الشحنات والبضائع، وآخر أقل حجما لمراقبة أمتعة المسافرين”.

وأكد مصدر جريدة النهار أن “مختلف الإجراءات التي تعتمدها إدارة الجمارك، سواء في معبر الكركرات أو غيره من النقاط الحدودية، تهدف بالأساس إلى حماية الاقتصاد الوطني من الغش التجاري ومختلف الممارسات غير القانونية، وضمان سلامة وصحة المستهلك المغربي، إلى جانب محاربة تهريب الممنوعات، خاصة أن جمارك الكركرات أفشلت في الآونة الأخيرة، بفضل يقظتها، عددًا من محاولات إدخال مخدرات على اختلاف أنواعها إلى التراب الوطني”.

ويلعب معبر الكركرات الحدودي دورًا حيويًا في حركة التبادل التجاري مع إفريقيا، غير أن مصادر مهنية عديدة كانت أكدت في وقت سابق لجريدة النهار أنه في حاجة إلى تعزيز بعض البنيات التحتية الضرورية، من قبيل وحدات التخزين والمرافق اللوجستيكية الضرورية لضمان انسيابية حركة الأشخاص والبضائع عبر هذه النقطة الحدودية التي تشكل شريانا حيويا يربط المغرب بعمقه الإفريقي.

Exit mobile version