تفاصيل الساعات الأخيرة من حياة النجم البرتغالي جوتا قبل الحادث المأساوي

لم يكن مساء الأربعاء الثاني من يوليوز 2025 يوماً عادياً في حياة النجم البرتغالي ديوغو جوتا، مهاجم نادي ليفربول وأحد أبرز لاعبي منتخب البرتغال. ففي حدود الساعة الثامنة والنصف مساء ودّعه الطبيب المتخصص في العلاج التنفسي ميغيل غونكالفيس، بعدما أنهى معه فترة تعافٍ ناجحة من جراحة بسيطة في الرئة. كانت الأمور تسير وفق المخطط، وكان الاستعداد جارياً للعودة التدريجية إلى الملاعب.

نصح الأطباء جوتا بعدم السفر جواً، فقرّر أن يسلك الطريق البحري من خلال السفر بالسيارة من بورتو إلى ميناء سانتاندر شمال إسبانيا حيث كان سيستقل عبارة إلى إنجلترا. لم يكن وحده في الرحلة، إذ رافقه شقيقه الأصغر أندريه سيلفا، لاعب نادي بينافييل بالدرجة الثانية البرتغالية. اتفق الشقيقان على السفر ليلاً للاستفادة من برودة الطقس، مع التوقف المؤقت للراحة في مدينة بورغوس الإسبانية.

لكن الرحلة لم تكتمل. ففي الساعات الأولى من صباح الخميس، انحرفت سيارة “لامبورغيني”، التي كان يقودها جوتا عن مسارها على الطريق السريع في بلدة سيرناديا قرب الحدود الإسبانية البرتغالية، لتندلع فيها النيران على الفور. وعند وصول فرق الطوارئ كان الشقيقان قد فارقا الحياة، مخلفين صدمة واسعة في البرتغال وإنجلترا والعالم الرياضي.

وقال الطبيب غونكالفيس لاحقًا لصحيفة “ريكورد” البرتغالية: “ودعتهما مساء الأربعاء. كان ديوغو متحمساً جداً للعودة إلى الملاعب، ومتفائلاً بالموسم الجديد. تحدث بثقة عن جاهزيته واستعداده. لم أكن أرى فيه سوى روح المثابرة والانضباط”.

كانت الخطة بسيطة ومدروسة، لكن النهاية جاءت مفجعة. المهاجم الذي احتفل بزواجه قبل 11 يوماً فقط، ونشر على حسابه الرسمي فيديو من الحفل معلّقاً “يوم لن ننساه أبداً”، غادر الحياة بطريقة صادمة، تاركاً خلفه زوجته روتي كاردوسو وثلاثة أطفال، وأبوين كرّسا حياتهما لتحقيق حلم ابنهما.

منذ لحظة الإعلان عن الوفاة، انهمرت رسائل النعي والتأثر. وتدفقت القصص التي تسلط الضوء على الجوانب الإنسانية في حياة جوتا، الذي لم يعرف الغرور رغم الشهرة. كان ابنا بارا لمدينة بورتو. بدأ مشواره في نادي باسوس دي فيريرا، وانتقل لاحقًا إلى أتلتيكو مدريد، ثم إلى بورتو وولفرهامبتون، قبل أن ينضم إلى ليفربول عام 2020 في صفقة بلغت نحو 50 مليون يورو.

مع “الريدز” لم يتأخر جوتا في إثبات مكانته بين كبار النجوم. إذ حقق أربعة ألقاب، أبرزها الدوري الإنجليزي الممتاز، وكأس الاتحاد، وكأس الرابطة، وبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2022. وعلى المستوى الدولي خاض 49 مباراة مع منتخب البرتغال، سجل خلالها 14 هدفًا، وشارك في الفوز بلقبي دوري الأمم الأوروبية (2019 و2025).

لكن ما ميز إنجازات جوتا الكروية أكثر هو تواضعه وإنسانيته. في مقابلة مؤثرة مع هيئة الإذاعة البريطانية، تحدث عن التضحيات التي بذلها والداه، قائلاً: “في سن السادسة عشرة، لم أكن أستطيع اللعب مجاناً. كان والداي يدفعان لي، وكنت أرى معاناتهما، وهذا ما جعلني أكثر إصراراً وامتناناً”.

النجم المصري محمد صلاح عبّر عن حزنه قائلاً: “حتى يوم أمس، لم أتخيل أن شيئاً قد يخيفني من العودة إلى ليفربول بعد العطلة. سيكون من الصعب جداً تقبّل غياب ديوغو”. وأضاف “أفكاري مع زوجته وأطفاله، وبالطبع والديه اللذين خسرا فجأة نجليهما. لن ننساهم أبداً”.

جثمان جوتا وشقيقه وُضع الجمعة في كنيسة مجاورة لمسقط رأسيهما في مدينة غوندومار حيث ستُقام مراسم التشييع السبت وسط حضور رسمي وشعبي كبير، توديعًا لنجم لم ينس من أين أتى، ولم تغرّه الأضواء.

Exit mobile version