
والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى
اعترف عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، بأن البرامج التمويلية التي تستهدف مساندة المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا مازالت “تواجه صعوبات” بالمغرب، معتبرا أنها “تقترن بشكل أساسي بوجود مخاطر، لأن البنوك لا يمكنها رفض التمويل بما أنها تستفيد حين توفر الاعتمادات لهذه المشاريع، وتحقق منها أرباحا”.
وأثناء تفاعله مع سؤال لجريدة النهار بخصوص “وجود العديد من البرامج التمويلية بلا أثر حقيقي على مستوى تقوية المقاولات سالفة الذكر، وهل نحن بحاجة إلى ‘حكامة جديدة’ في ظل وجود مرسوم حكومي يتطرق للموضوع؟”، قال الجواهري إن “المؤسسات المصرفية تتولى ترصد وجود مخاطر كثيرة”، مبرزا أن “برنامج ‘انطلاقة’ مثلا موّل 33 ألف مشروع، وساهمت فيه البنوك بنحو 9 مليارات درهم”.
وأورد المتحدث خلال لقاء مع الصحافة، أمس الثلاثاء، أن “البنوك رفضت حوالي 40 بالمائة من الملفات المقدَّمة لها؛ وهذا يعني أن عددًا من الأشخاص الذين تقدموا بطلبات لم تتوفر فيهم الشروط، أو أنهم قدّموا ملفات لا يمكن أن تُموّل دون مواجهة عثرات كبيرة”، وتابع: “ما نحتاج إلى الاشتغال عليه، كمؤسسات، هو التكوين والتأطير والمواكبة، ومعالجة جميع الإشكالات؛ لأن التمويل يأتي تتويجا لمسار، هو ليس بداية”.
وأشار والي بنك المغرب إلى دور الجهاز الحكومي في تحقيق أثر فعلي لهذه البرامج التمويلية، إذ قال: “في جميع دول العالم عندما يتعلق الأمر بمجال يطرح مخاطر بالنسبة للقطاع البنكي فلا بد من وجود دعم توفره الحكومة”، مسجلا أن “الدعم قد يكون على شكل ضمانات، أو صناديق مخصصة؛ لأن البنك بحاجة إلى تغطية المخاطر التي يتحمّلها”.
وشدد محافظ البنك المركزي الوطني على “ضرورة التنسيق”، مردفا: “حتى المؤطرون الذين يواكبون هذه المشاريع فكرنا في منحهم تعويضات؛ وهذا من الأمور التي يجب أن نتوقف عندها اليوم، لأن نسيج المقاولات الصغرى في المغرب يمثل قرابة 90 بالمائة من الاقتصاد الوطني”، وزاد: “المهم أن جميع الأطراف اجتمعت، وأبدت موافقتها على المساهمة”.
ونبه المسؤول ذاته إلى أهمية معالجة أمور أساسية على المستوى الوطني، وواصل: “سنشتغل عليها، لنحدد من المؤهَّل فعلاً للحصول على تمويل؛ ولنتمكن فعلاً من إزالة الحواجز من أمام البنوك، لأن العائق الأكبر هو التخوف من المخاطر. نريدُ العمل على تجاوز هذه الحجة التي تدفع بها المؤسسة المصرفية؛ على أن تكون هناك مواكبة عن كثب”.
ورهن المتحدث نجاح العملية بتوفر “إرادة واضحة” من جميع الأطراف، بما فيها السلطات المحلية، “لأن الأمر لا يقتصر على المدن الكبرى، بل يشمل كافة مدن المملكة”، واسترسل: “نحن نعلم أن الأطر المؤهلة لتأطير هذه المقاولات لا توجد في عدد من جهات البلد، وهذه من بين الإشكاليات التي تتطلب إيجاد حلول ملائمة لها”.
وبخصوص تحويلات مغاربة العالم وعلاقتها بالاستثمار أكد الجواهري أن “الدفاع مستمر كي يكون أثر التحويلات حاضرا لدى عائلات الجالية، لأن هذا هو الأساس”، متابعا: “بالنسبة للاستثمار يوجد عمل، لكن ليس في المستوى الذي نتطلع إليه. وهنا طلبنا من البنوك القيام بمجموعة من الإجراءات لإسناد استثمارات الجالية؛ ولاسيما أننا مررنا بجملة من الأزمات، ومنها جائحة كوفيد19”.
وزاد والي بنك المغرب: “أظن أن الظرفية والفرص الحالية مواتية للرفع من درجة الاستثمارات”، وأورد أن “الزخم الذي تعرفه الأخيرة يقدم فرصا أوسع مما كان عليه الوضع في السابق”، كما تمنى أن “يدفع عمل البنوك في اتجاه تقوية مشاريع الجالية بأرض الوطن، لنصل إلى مستوى إيجابي في ما يتعلق باستثمارات مغاربة الخارج”.