وسط تحديات اقتصادية وإكراهات مجتمع “في عين العاصفة”، وتحالفات إقليمية “مكشوفة”، تثير خُطط تونس العسكرية في الوقت الحالي الكثير من التساؤلات؛ سياقاتها وفلسفتها وعلاقاتها أيضا بالتوازنات بمنطقة المغرب الكبير.
ووقّعت القوات الجوية التونسية، على هامش معرض باريس للطيران 2025 “لوبورجيه”، عقدًا مع شركة “Bell Textron Inc” من أجل اقتناء 12 طائرة مروحية من طراز “SUBARU Bell 412EPX”، تُستخدم في تنفيذ مهام أمنية وعسكرية متعددة، وذلك في أول طلبية لها بالقارة الإفريقية.
وأثارت هذه الخطوة الكثيرة من التساؤلات، لاسيما ارتباطها بالسياقات الداخلية التي تعيشها البلاد، في ظل تحدياتها الاقتصادية والاجتماعية تحت حكم قيس سعيد، فضلا عن تأثير ذلك على التوازنات المطروحة بالمنطقة المغاربية، في ظل تحالفات الجمهورية التي باتت لا تخرج عن “دائرة الجزائر”.
محمد شقير، باحث في الشؤون الأمنية والعسكرية، يرى أن “التساؤل المطروح في هذا الجانب هو كيف لتونس التي تعاني من الناحية الاقتصادية أن تلجأ إلى اقتناء مثل هذا النوع من المروحيات، ما يعني أنها هي الأخرى باتت تضع الصفقات المتعلقة بالأمن العسكري في صدارة أولوياتها، رغم كل السياقات”.
واعتبر شقير، في تصريح لجريدة النهار، أن “تونس اقتحمت من جهتها السباق نحو التسلّح بالمنطقة المغاربية، بالتركيز على كل ما يتعلق بالترسانة الجوية، باعتبارها أحد أبرز أطراف معادلة الجيل الجديد من الحروب”.
ومع إشارته إلى “التقارب المحقّق بين تونس والجزائر” لفت المتحدث إلى أن “تونس تريد مسايرة الوضع بمنطقة إقليمية تسعى إلى تطوير أسلحتها العسكرية، وهو الأمر الملحوظ بالنسبة للمغرب والجزائر”، مؤكدا أن “تونس تبقى بعيدة كل البعد عن مجاراة السباق بين الرباط والجزائر، الذي اشتد خلال السنوات الأخيرة”.
كما ذكر الباحث ذاته أن “تونس تجاور ليبيا، ما يدفعها إلى البحث عن سبل تقوية مناعتها العسكرية، ولو باعتماد الطريقة نفسها التي تعتمدها الجزائر في هذا الجانب”.
أما حفيظ زهري، باحث في الدراسات السياسية والدولية، فأكد أن “الواضح هو سعي تونس، من خلال مثل هذه الصفقات التي تخص شراء عتاد عسكري جوي، إلى سدّ مكامن الخلل لديها بخصوص كل ما يتعلق بالمراقبة الجوية، ولاسيما أنها تحاذي دولا تعرف تحركات مكثفة”.
ولم يستبعد الزهري “مساهمة الجزائر في تمويل هذا النوع من الصفقات، بعدما نسج البلدان خيوط تحالف ثنائي تروم منه الجزائر عزل المغرب بالمنطقة وعن دولها”، موردا في الآن ذاته أن “الجزائر تحاول جاهدة شراء ولاء بعض دول المنطقة عبر دعم تسلّحها”.
واعتبر المتحدث، في تصريح لجريدة النهار، أن “واقع الحال يفيد بأن الجمهورية التونسية تعيش إيقاعا اقتصاديا صعبا ولا يسمح بإبرام صفقات لشراء عتاد عسكري مكلف، وهو ما يدفعها إلى البحث عن موارد مالية للتسلّح”، مؤكدا كذلك أن “تونس ستكون مضطرة لتجاوز الضعف أو النقص المسجّل لديها في ترسانتها العسكرية”.