اقتصاديون يعددون دواعي “التفاؤل” بشأن ارتفاع دينامية البناء بالمغرب

تفاعل محللون اقتصاديون مع مضمون وخلاصات المذكرة الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط عن “البحوث الفصلية للظرفية الاقتصادية” في قطاعات صناعية متخصصة وقطاع البناء، مؤكدين أنها “تعزز التفاؤل السائد بارتفاع نمو قطاعات إنتاجية وطنية”، معتبرين أنها “وثيقة مهمّة تعطي صورة واضحة عن التحديات والفرص التي تواجهها المقاولات المغربية”
وبحسب ما استقرأته جريدة جريدة النهار في الوثيقة الرسمية، فقد همَين “التفاؤل” بارتفاع مستويات الإنتاج والقدرات التشغيلية، مع “استقرار مرتقب” في عدد المشتغلين ودينامية التشغيل، على أهم ارتسامات أرباب المقاولات المستقاة من بحوث الظرفية الاقتصادية المنجزة برسم الفصل الثاني من سنة 2025 لدى المقاولات التابعة لقطاعات الصناعة التحويلية والاستخراجية والطاقية والبيئية والبناء.

وثمّن محللون تحدثت إليهم جريدة النهار أهمية ما تخلص إليه بحوث الظرفية الاقتصادية في فهم دينامية “التطور الحاصل” في إنتاج هذه القطاعات خلال الفصل الأول من سنة 2025، وكذا توقعات الفصل الثاني.

دواعي “التفاؤل”

وفق عبد الرزاق الهيري، أستاذ جامعي مدير مختبر تنسيق الدراسات والأبحاث في التحليلات والتوقعات الاقتصادية بفاس، فإنه “اعتمادًا على تطور الإنتاج المتعلق بهذه الأنشطة خلال الفصل الأول لسنة 2025، يتوقع أن تعرف مجموعة من الأنشطة الصناعية ارتفاعا في الفصل الثاني من السنة الجارية، وخصوصًا صناعات الطاقة والصناعات الاستخراجية. ويتوقع كذلك أن يعرف قطاع البناء ارتفاعا في أنشطته الإنتاجية”، عازيًا فضل تطور هذا الأخير إلى “التطورات الاقتصادية الوطنية”.

وشرح الهيري، ضمن تصريح لجريدة النهار، أن “الارتفاع في الإنتاج الطاقي ضروريٌ لدعم التطورات في القطاعات الأخرى التي تستهلك منتجات طاقية أساسية لدعم القدرات والطاقة التشغيلية”، مستحضرا “طموح المغرب وهدفه إلى زيادة نسبة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام بحلول عام 2035”.

أما بالنسبة لقطاع البناء، فهو “يؤثر إيجابياً على الأنشطة الإنتاجية الأخرى، بما في ذلك الصناعة التحويلية والاستخراجية”، يرصد المحلل الاقتصادي ذاته، رابطًا بين القطاعين وتفاعلاتهما الممكنة. وقال إن “التطورات في هذه القطاعات قد تُسهم فعليًا في تحسين قدرة الاقتصاد الوطني على خلق فرص عمل دائمة ومستدامة”.

وبينما ذكّر بأن “المؤشرات الماكرو-اقتصادية والمالية الإيجابية والتساقطات المطرية الأخيرة تعزز التفاؤل بين الفاعلين الاقتصاديين المغاربة”، شدد على أن “التفاؤل المتوقع سيدفع الفاعلين الاقتصاديين للاستثمار أكثر في القطاعات الإنتاجية” التي شملتها مذكرة المؤسسة الإحصائية الرسمية.

واستخلص الهيري أن “النمو الاقتصادي المتوقع يرتبط بمشاريع التطوير والاستثمار التي تسارعت في إطار تنفيذ النموذج التنموي الجديد وتنزيل الميثاق الجديد للاستثمار”، فضلا عن “أثر بارز لمشاريع كأس الأمم الإفريقية 2025 ومونديال 2030 في تحريك عجلة وأنشطة البناء، ناهيك عن استقرار واضح في أعداد المشتغلين به ودفاتر الطلب”، رابطا ذلك بكون ارتفاع أنشطة القطاع يُعزى إلى تحسن أنشطة “الهندسة المدنية” و”أنشطة البناء المتخصصة” وكذا إلى الاستقرار المسجل في أنشطة “تشييد المباني”.

فهمٌ للظرفية

لا يبتعد كثيراً إدريس العيساوي، محلل اقتصادي، عما سبق، معلقا بأن “الوثيقة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط توفر فهما للظروف الاقتصادية للقطاعات الإنتاجية في المغرب”، ما يعني توفيرها لـ”وسائل تحليل الظرفية الاقتصادية المغربية”.

وقال العيساوي، ضمن تصريح لجريدة النهار، إن “البحوث الميدانية المقدمة نتائجُها تعتبر أداة مهمة لفهم وتحليل الوضع الاقتصادي للقطاعات المختلفة”، لافتا إلى أن “الوثيقة تعطي صورة واضحة عن التحديات والفرص التي تواجهها المقاولات المغربية”، وبالتالي هذا “يمكنّنا من وضع تصورات وصنع سياسات أكثر تخصيصا ودقة”.

“اللافت فيها هو ما شهده قطاع الصناعة في الفصل الأول من 2025 من ارتفاع طفيف بفضل زيادة إنتاج الصناعات الكيماوية والغذائية”، يقول العيساوي، مستدلا بأن نحو نصف الشركات (37%) في “الصناعة التحويلية” واجهت صعوبات في الحصول على المواد الأولية، وخاصة المستورَدة، مسجلا أنه قطاع “شهد زيادة في إنتاج الفوسفاط خلال الفترة نفسها”.

وأضاف بشأن قطاع البناء أنه “شهد تطورًا في الأنشطة الهندسية وأنشطة البناء المتخصصة، رغم صعوبات التمويل التي واجهتها بعض الشركات”

أما توقعات الفصل الثاني من 2025، فتشير، وفق قراءة العيساوي، إلى “ارتفاع الإنتاج في الصناعة التحويلية، مع استقرار في التوظيف”، مؤيدا أيضا ما ذهبت إليه مندوبية التخطيط من “توقعات بانخفاض الإنتاج في الصناعة الاستخراجية بسبب تراجع إنتاج الفوسفاط”، مع استقرار لقطاع الصناعة البيئية في “الإنتاج كما التوظيف”.

Exit mobile version