علمت جريدة النهار، من مصادر جيدة الاطلاع، بأن مصالح المراقبة التابعة لمكتب الصرف شرعت، بالتنسيق مع قسم التراخيص والعلاقات مع المستخدمين لدى المكتب، في التدقيق بشأن اختلالات استغلال تراخيص “تسبيقات الاستيراد” (Les avances sur l’importation).
وأوضحت المصادر ذاتها أن عملية التدقيق الجديدة حركتها إخباريات ومعلومات واردة في تقارير قسم الدراسات والإحصائيات همت بروز مؤشرات على وجود شبهات تهريب أموال إلى الخارج عبر تسبيقات مالية محولة بواسطة تراخيص قانونية.
وأفادت مصادر الجريدة بأن المراقبين تمكنوا من حصر قوائم التراخيص الصادرة لفائدة مستوردين مشتبه بتورطهم في تهريب أموال إلى الخارج، حيث جرى إخضاع ملفات الطالبات الخاصة بها للافتحاص؛ وذلك بالتنسيق مع بنوك منخرطة في عمليات التحويل، والمصالح المختصة بالإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة.
وسجلت المصادر نفسها أن الأبحاث الجارية أشارت إلى حالات استغلال تضخيم فواتير استيراد بالتواطؤ مع مصدرين من دول أمريكا الوسطى والجنوبية ودول شرق آسيا، من أجل رفع مبالغ “تسبيقات الاستيراد” التي لم تتجاوز سقف 30 في المائة، قبل تحويل الفرق إلى حسابات خارج المملكة.
وأكدت مصادرنا أن مراقبي مكتب الصرف رصدوا خلال أبحاثهم حالات أخرى تمثلت في “افتعال” مستوردين نزاعات تجارية صورية مع مصدرين بعد تحويل مبالغ “تسبيقات الاستيراد”، حيث يصعب بعد ذلك إعادة توطين هذه المبالغ داخل المملكة.
وسجلت أن الشركات المتورطة في هذه الممارسات استعانت بخبرة متخصصين دوليين في تهريب الأموال إلى الخارج وتبييضها وتسهيل تحويلها بين البنوك عبر العالم، مشددة على استغلال المستوردين المتورطين تسهيلات الدفع المقدمة في إطار نظام “كريدوك” (CREDOC)، الذي يسمح للبنك المصدر بالالتزام بالأداء لفائدة المستورد مقابل تسليم السلعة عبر البنك المكلف في بلد التصدير، في تهريب مبالغ مالية مهمة إلى الخارج خلال ثلاث سنوات الماضية.
وكشفت مصادر الجريدة عن ربط مصالح المراقبة لدى مكتب الصرف الاتصال بمؤسسات نظيرة في بلدان التصدير، في سياق تجميع المعطيات حول المتعاملين مع الشركات المغربية المستوردة موضوع التدقيق وتحديد ارتباطاتهم فيما يتعلق بتحويل مسار الأموال المهربة في إطار عمليات تجارية إلى حسابات بنكية في دول أخرى يسهل على المستوردين المذكورين الحصول عليها، مؤكدة استعانتها في مخاطبة هذه الجهات بخبرات مراقبي إدارة الجمارك وقواعد بياناتهم الدولية.
يذكر أن “تسبيقات الاستيراد” تخضع لرقابة صارمة من قبل مكتب الصرف؛ من خلال التعليمات العامة لعمليات الصرف (IGOC)، والتي تنص على تحديد الحد الأقصى لمبالغ التسبيقات، وضرورة استيراد البضاعة خلال أجل أقصاه 90 يوما في أغلب الأحيان، بالإضافة إلى إلزامية تقديم وثائق التبرير، مثل شهادة بيان الاستيراد الجمركي – BAD أو DU. ويتم إنجاز هذ النوع من العمليات من خلال قيام مستورد مغربي بطلب سلعة من مورد أجنبي، حيث يحول تسبيقا ماليا بالعملة الصعبة، غالبا بنسبة 30 في المائة أو أكثر، علما أنه لا يمكن استلام البضاعة نهائيا أو يتم استيراد سلعة بأقل من القيمة المصرح بها؛ ذلك أن أي تلاعب في فواتير الاستيراد يحول “التسبيق” إلى وسيلة لتهريب الأموال بدلا من تمويل واردات حقيقية.