النظام الجزائري يراهن على “قانون التعبئة العامة” لتكريس القمع والعسكرة

على خلفية مصادقة الحكومة الجزائرية على مشروع قانون “التعبئة العامة” وإحالته على البرلمان اعتبر معارضون جزائريون لتوجهات النظام الحاكم في هذا البلد أن الهدف من هذا النص هو إعادة تشكيل المشهد السياسي على مقاس السلطة العسكرية، واستمرار الرهان على نظرية العدو الخارجي ووجود أخطار تهدد الأمن القومي للبلاد، ما يمهّد الطريق نحو عسكرة الحياة السياسية والمدنية وتأطير المواطنين تحت منطق التهديد الخارجي.

وينص هذا المشروع على إعلان التعبئة العامة بقرار من الرئاسة الجزائرية، وذلك في “حال وجود خطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة أراضيها، أو في حال وقوع عدوان فعلي أو وشيك عليها”.

إعلان النظام الجزائري يراهن على "قانون التعبئة العامة" لتكريس القمع والعسكرة

في هذا الصدد اعتبر علي بن حاج، نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، بمناسبة حلوله ضيفًا على قناة “المغاربية” التي تبثّ من لندن، أن “خطاب التعبئة يؤثر على صورة الجزائر”، مشددًا على أن “ما تقوم به المؤسسة العسكرية من صياغة قوانين مثل ‘قانون التعبئة’، عبر غرفتي البرلمان الشكليتين، ينعكس سلبًا على الجزائريين”، وزاد: “كما أن ترويج خطاب الحرب عبر الإعلام الرسمي يُفاقم مناخ الخوف، ويثير قلق دول الجوار، ويُنفّر المستثمرين، ما يضر بصورة الجزائر داخليًا وخارجيًا”.

وأبرز القيادي الإسلامي الجزائري ذاته أن “بثّ تمرين عسكري في ولاية بشار ضمن نشرة الأخبار لأكثر من عشرين دقيقة، ولأول مرة في تاريخ البلاد، يعكس توجّهًا نحو التصعيد، ويشيع أجواء الحرب في بلد ليس في حالة نزاع، ما يزيد من حالة القلق لدى المواطنين ويشوّه صورة الجزائر دوليًا”.

وتفاعلًا مع الموضوع ذاته قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إن “قانون التعبئة العامة كان من المفروض مناقشته مباشرة بعد التعديل الدستوري لسنة 2019، غير أن هذا الأمر تُرك ولم تتم مناقشته طيلة هذه السنوات”، مبرزًا أن “إخراج هذا القانون في هذا التوقيت بالضبط مرتبط بالسياق والظروف السياسية التي تعيشها الجزائر”.

واعتبر بن زهرة، في حديث مع جريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “التداول حول هذا القانون هو استمرار وتكريس لأطروحة التهديد الخارجي، وأيضًا محاولة لتبرير العداوات المجانية والأزمات التي اختلقها النظام مع كل دول الجوار”، مبرزًا أن “النظام يحاول من خلال هذا القانون التأثير على الرأي العام الداخلي وخلق نوع من الإجماع حول سياساته الداخلية والخارجية”.

وشرح الناشط السياسي ذاته أن “النظام الحاكم في الجزائر يعاني داخليًا وعجز عن إدارة العديد من الملفات الداخلية والخارجية”، مبيّنًا أن “الخطاب السياسي في الجزائر تشبّع بنظرية وجود أخطار تهدد الأمن القومي الجزائري، وهو ما يعكسه الخطاب الأخير لقائد أركان الجيش، وكذا المناورات الأخيرة التي أُجريت على الحدود مع المغرب”.

وخلُص المتحدث إلى أن “تمرير هذا القانون يمهّد لمزيد من التضييق على الحريات في الجزائر، وإغلاق آخر مساحات الحرية، بتخوين كل من يعارض أو ينتقد سياسات النظام أو من يتحدث عن المشاكل الداخلية في ظل هذا القانون”.

زر الذهاب إلى الأعلى