بطاريات المستقبل تصنع بالقنيطرة .. المغرب يدخل سباق السيارات النظيفة

بات المغرب قريبا أكثر من أي وقت مضى من احتضان “مصنع ضخم” لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، تابع لمجوعة “غوشن هاي تيك” الصينية الأوروبية المتخصصة؛ إذ أكد خالد قلام، الرئيس المغربي لشركة “غوشن باور المغرب” المنتمية للمجموعة، أن الأخيرة سوف تشرع في عملية بناء هذا المصنع “في غضون أيام”.

وأكد قلام، ضمن مؤتمر في الرباط، أن الأشغال التحضيرية للمصنع الذي كان موضوع اتفاقية استثمارية بين مجموعة “غوشن هاي تيك” والحكومة المغربية في يونيو الماضي، وسينشأ بالقرب من مدينة القنيطرة، “قد اكتملت”، متوقعا أن “تشرع هذه الوحدة الصناعية في الإنتاج في الربع الثالث من السنة المقبلة”، حسبما أفادت به وكالة رويترز يوم الأربعاء.

إعلان بطاريات المستقبل تصنع بالقنيطرة .. المغرب يدخل سباق السيارات النظيفة

وتبلغ القيمة الإجمالية لهذا المشروع الاستثماري 6.5 مليارات دولار، وقد جاء كما أوضح المصدر نفسه “تماشيا مع هدف المغرب المتمثل في توسيع قطاع السيارات وتكييفه مع المتطلبات الحديثة”، كاشفا أنه “في المرحلة الأولى، بتكلفة تبلغ 1.3 مليار دولار، ستبلغ طاقة المصنع 20 جيغاوات، على أن يتم الاتفاق مع الحكومة المغربية لزيادة الطاقة الإنتاجية إلى 40 جيغاوات في المرحلة الثانية”، مفيدا بأنه لم يتم “تحديد جدول زمني لذلك”.

وقسّم رشيد ساري، محلل اقتصادي رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، “الأسباب المفّسرة لإقبال الصين على الاستثمار في قطاع بطاريات السيارات الكهربائية بالمغرب، إلى عامّة ترتبط بتوجهات هذا البلد الآسيوي، وأخرى مباشرة تتصل بالمغرب”.

وأوضح ساري، ضمن تصريح لجريدة النهار، أن “الأسباب العامة تتجلى في تعلُّم الصين الدرس جيدا من جائحة كورونا؛ بحيث انكبت بعدها على إعادة توزيع سلاسل التوريد على العديد من دول العالم، بينها مصر والمغرب، في ظل المنافسة الشرسة التي تتعرّض لها في هذا الجانب”.

أما بخصوص الأسباب المرتبطة بالمغرب، فذكّر المحلل الاقتصادي نفسه بـ”تمكن المغرب من صناعة بطارية كهربائية مستخلصة من الفوسفور، وتوفره على مجموعة من المختبرات التي تعمل في هذا المجال”، لافتا كذلك إلى “امتلاكه كماً مهما من مورد الكوبالت بجودة عالية، الذي يستخدم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، بل إن المغرب الحادي عشر عالميا من حيث احتياطات هذا المعدن”.

كما استحضر ساري أن “ما يجعل الولايات المتحدة الأمريكية أو ألمانيا عاجزة على منافسة الصين في ميدان بطاريات السيارات الكهربائية، هو امتلاكها عدة من المواد الخام المستخدمة في صنع الأخيرة، شأنها شأن المغرب الذي يمتلك بوفرة معدن الكوبالت كما سلف الذكر”.

ونبّه رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، في ختام تصريحه لجريدة النهار، إلى أهمية صناعة بطاريات السيارات الكهربائية؛ إذ “تمثل هذه البطاريات نحو 50 إلى 60 في المئة من ثمن السيارة”.

من جانبه، أكد نادر رونغ، محلل اقتصادي صيني، أن “المغرب غدا وجهة لاستثمارات صينية عدة في مجال صناعة بطاريات السيارات الكهربائية؛ الميدان الذي تتفوق فيه الصين”، مفسّرا ذلك ببحث الدولة الآسيوية عن “قواعد للإنتاج قريبة من الأسواق الأوروبية والأمريكية، وتٌيّسر الولوج إليها، في ظل حرب الرسوم الجمركية القائمة حاليا”.

وأضاف رونغ، وهو عضو مجلس إدارة الجمعية الصينية لدراسات الشرق الأوسط، ضمن تصريح لجريدة النهار، أن “المغرب يتمتع بمزايا كثيرة تساهم في جذبه هذه الاستثمارات، على رأسها الموقع الجغرافي الاستراتيجي، وامتلاكه وفرة من الموارد الطبيعية المستخدمة في إنتاج السيارات الكهربائية، فضلا عن البيئة الاستثمارية المستقرة”.

وذكر الباحث والمحلل الاقتصادي الصيني أن “المغرب يعتبر، بالمقارنة مع الدول الأخرى في المنطقة، الأنسب لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية؛ لأن لديه أصلا قاعدة صناعية قائمة لإنتاج السيارات”، مشددا على أن “كل العوامل سالفة الذكر تدفع في اتجاه غدو المملكة المغربية مركزا مهما لإنتاج وتصدير بطاريات السيارات الكهربائية”.

وفي هذا الصدد، سجّل رونغ وجود “تطور سريع للعلاقات بين الصين والمغرب على الصعيدين السياسي والثقافي، ما يشكّل أسسا متينة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين في مجالات عدة، ضمنها ميدان صناعة السيارات الكهربائية”.

زر الذهاب إلى الأعلى